الرقة تذبح بصمت
بين ميليشيات قسد و داعش تعيش مدينة الرقة حالة من الترقب و التخوف الذي يشوبه كثير من التوترات الدولية خصوصا بين أنقرة و واشنطن حول مصير مدينة الرقة في ظل سيطرة تنظيم الدولة عليها، حيث ترفض تركيا دخول ميليشيا قسد الكردية في معركة تحرير الرقة فيما لا ترغب أمريكا بالتخلي عن حليفها الكردي في سوريا رغم كل التحذيرات التركية حول ذلك.
و بما أن الجدل كثر في الآونة الأخيرة حول معركة تحرير الرقة في ظل تجاذبات و تصريحات لعدة أطراف منها الحشد الشعبي الشيعي و مسؤولون غربيون فيبدوا أن حال مدينة الرقة يذهب في خطاه إلى مصير مدينة الموصل. إذ أعلنت قسد ” قوات سوريا الديمقراطية ” الكردية عن انطلاق معركة تحرير الرقة تحت مسمى ” غضب الفرات “.
ومع انطلاق المعارك منذ يوم الأحد الماضي في الريف الشمالي لمدينة الرقة سيطرت القوات المهاجمة على عدة قرى حول محيطة مدينة الرقة فيما تبدو العملية تسير بنحو بطيء جدا رغم الدعم الجوي المكثف الذي تحظى به المليشيات الكردية من قبل الحليف الأمريكي، لكن لا يبدو من القراءة المجملة للأحداث أن الإعلان عن المعركة بهذا الشكل السريع والمفاجئ إلا من أجل استباق الفرص وقطع الطريق على عملية ” درع الفرات ” التي دخلت في مرحلتها الثالثة لتصبح مدينة الرقة الجزرة التي يتهافت إلها الأكراد من أجل اخضاع السوريين وتركيا لرغبتهم في إقامة كيان مستقل رغم أن التطمينات الأمريكية كانت واضحة للأتراك لتبديد مخاوفهم حول الانفصال الكردي في منطقة الجزيرة السورية.
مخاوف أهالي الرقة من تكرار سيناريو مناطق في الحسكة و تل أبيض
إن أكبر الصعوبات التي تواجه قوات قسد في مدينة الرقة هي المعارضة الشديدة لأهالي المناطق العربية و قوى الثورة السورية من دخول المليشيات الكردية للمناطق العربية خصوصا بعد ما ارتكبت هذه المليشيات انتهاكات عرقية بحق قرى عربية في الحسكة و تل أبيض إذ عمدت إلى تهجير و تدمير منازل العوائل العربية بهدف التهجير القسري لهم من هذه المناطق و إنشاء كيان كردي على أساس تغير ديموغرافي في المنطقة و هذا ما يرفضه عموم السوريون أيضا خصوصا مع علاقة هذه المليشيات بالنظام السوري.
و فيما بدى خلال الأسبوع الأول من نتائج معركة ” غضب الفرات” أن قسد بدأت ترتكب ذات الانتهاكات السابقة إذ رصد مراسلينا مع تطورات المعركة هناك قيام ميليشيات قسد بسرقة منازل في قرية لقطه بعد طرد سكانها منها فيما قامت بتجميع المدنيين الهاربين من مناطق الاشتباك في مركز اقطان ” عين عيسى ” و منعت خروج النازحين لمكان أمن إلا بوجود كفيل لهم و هذه الممارسات تتم على أساس عرقي خصوصا مع تزايد حركة النزوح مع استمرار المعارك في قرى الريف الشمالي.
تصريحات محلية تندد بعملية غضب الفرات
في صدد انطلاق المعركة وغياب التنسيق الكلي مع قوى الرقة العسكرية والسياسية قال لواء ثوار الرقة بأنه لم يشارك في عملية تحرير الرقة بسبب خلافاته مع قوات ال YPG وعلل ذلك بعدم التزامهم بالاتفاقات المسبقة حول معركة الرقة. كذلك أعلن مجلس محافظة الرقة في بيان له عن رفضه الكلّي لمشاركة قوات سوريا الديموقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية في عملية انتزاع الرقة من تنظيم الدولة نظرا لتجارب السابقة لمدينة تل أبيض وما قامت به المليشيات الكردية من حملات تهجير قسرية وتوسيع النزاع القومي بين العرب والكرد في المنطقة.
هذا و يبدو أن حال مدينة الرقة سيعيش ظرف من التوترات الكثيرة خلال عملية غضب الفرات و الذي سيجلب مزيد من الويلات للأهالي هناك الذين ذاقوا ظلامية داعش و فيما لو حلت محلها الميليشيات الكردية فلن يكون الوضع أفضل مما هو عليه بحسب تقديرات عدة خصوصا مع عزل الرقة عن مناطق الثورة من قبل داعش و الأكراد ويلوح هذا أن الرقة سيتم ذبحها في كل مناسبة بلا دم خصوصا أن الميليشيات الكردية تمتلك دعمها المحلي من قبل النظام السوري و قوات الدفاع الوطني المشكلة في منطقة الجزيرة و هذا يؤسس إلى مخاوف جمة حول ارتكاب فظاعات من قبل هذه المليشيات في حال تقدمت نحو مدينة الرقة بشكل أوسع.