الرقة تذبح بصمت
تشهد الأيام الأخيرة الكثير من الحديث عن معركة الرقة بعد إعلان ميليشيات قوات سوريا “الديموقراطية” عنها، ذلك عقب انطلاق معركة الموصل الشهر الفائت، لتصبح اليوم معركة الرقة، الشغل الشاغل على طاولات الحوار الدولية والإقليمية، إلا أنّ حجر الأساس الأهم وهو أهالي الرقة وقاطنيها، لم يحظى بأهمية على أي صعيد في تلك النقاشات الدائرة.
مجزرة قرية “الهيشة” التي ارتقى على اثرها 25 شهيداً من المدنيين كان الخبر الاكثر انتشاراً داخل مدينة الرقة بعد القصف من التحالف الدولي واستهداف المدنيين وقراهم من مدفعية ميليشيات سوريا “الديموقراطية” وهذا مادفع الاهالي للنزوح الى البراري في قرى الهيشة وخنيز وعدّة قرى اخرى.
فيما يراقب سكان الرقة وبشكل حثيث الأخبار العالمية والتي تتوارد إليهم بشكل متقطع عقب منع التلفاز في مناطق سيطرة التنظيم، وحول هذا الأمر قامت “الرقة تذبح بصمت” باستطلاع لآراء بعض المدنيين في المدينة عن رأيهم بالقادم لمدينتهم، فكانت الآراء متباينة اعتماداً على من هي القوات التي ستشارك بتلك المعركة،حيث قالت “أم أحمد” -٤٢ عام- معلمة سابقة : “يتابع زوجي الأخبار المتناقلة بين الأهالي، مستمعاً إلى كل التحليلات الصادرة من أصدقائه، أصبح دائم التخوف من كل جديد، فهو عاطل عن العمر منذ قرابة ال ٦ أشهر، لقد تعبنا من كل شئ، أصبح الغد كابوساً”.
ويعاني اهالي المدينة من الحصار الداخلي حيث يمنع تنظيم داعش المدنيين من النزوح او مغادرة المدينة الى خارج مناطق سيطرته، ويعلن يومياً عبر الجوامع وسيارات “الحسبة” دعوتهم للجهاد ضد “الكفار”.
وتضيف ام احمد بالقول :” لا ارى اي مستقبل قريب خاصة ان العالم لا يزال يقف ضد هدفنا بالخلاص من نظام بشار الاسد، الجميع يطمح للخلاص من داعش لكن استبدال داعش بداعش جديدة ليس الحل. في حين يرى أبو خالد أحد أصحاب المحال التجارية في الرقة “أنّ البديل فقط من يحدد المستقبل القادم، لا بديل عن اللاشئ سوا اللاشئ، لست متفائلاً، ولكن حجم الكارثة الواقعة حكماً سيحدده البديل القادم”.
سيناريو السيطرة على مدينة تل ابيض وريفها وتهجير سكانها وحرق قراها أو كـ “تحرير” مدينة منبج وماتعرضته له المدينة من دمار وتهجير، أم على خطى جرابلس بشعارات وردية أم تدمير بشكل كامل بسيناريو مماثل لمعركة عين العرب “كوباني”، كلها أسئلة تدور في خاطر السكان المحليين، إلا أنّ الخوف الأكبر يبقى من دخول المليشيات الكردية المدعومة من التحالف الدولي، ذات التاريخ الأسود من الانتهاكات ضد المدنيين العرب والتركمان خاصة، هل سيشارك الطيران الروسي وطيران وقوات النظام في المعركة ام لا، هل سيتعهد المجتمع الدولي وعلى رأسه التحالف بالحفاظ على مدنيي الرقة ام أنهم سيلقون مصير أهالي الفلوجة، يبقى الخوف المسيطر على الجميع، فلا يريد الرقيّون استبدال الطاغية مرة اخرى بطاغية جديد، لكن بلون مختلف.
فيما يبقى الخوف من الحصار القادم، عقب الأنباء المتواردة عن الخطة المرسومة لتطويق الرقة، يشكل الخوف الأكبر لمن لا يملك أكثر من قوت يومه وما يعينه على النزوح، وتكثر المخاوف بعد تغلغل التنظيم بين المدنيين دون مقرات واضحة فهل ستكون تلك المقرات أهدافاً للطيران الحربي؟.