المصدر : بلدي نيوز – (تركي مصطفى)
يناقش هذا الملف “أوهام الميليشيات الكردية ” المنضوية بمسميات مختلفة تحت راية حزب العمال الكردستاني الانفصالي, وسعيها الحثيث في تشكيل كانتون على الشريط الحدودي السوري في إطار انتهاز فرصة انشغال فصائل الثورة في تصديها للعدوان المركب محليا وإقليميا ودوليا, ونستعرض في هذا الملف هوية الميليشيات الكردية الانفصالية الوافدة إلى سوريا تزامنا مع انطلاقة الثورة السورية, ونتوقف عند علاقة هذه الميليشيات بنظام الأسد, ونجيب على تساؤل مهم: لماذا لم يواجه الأسد المشروع الميليشياوي الكردي وما أسباب انسحاب قوات الأسد من منطقة الشريط الحدودي مع تركيا, وتسليمها للوحدات الكردية؟.
وفي هذا الملف نبين أهمية حملة “درع الفرات” التي يقودها الجيش السوري الحر بمساندة الدولة التركية في تنظيف الشمال السوري من تنظيم “الدولة” والميليشيات الكردية بتحليل موجز للأهمية الإستراتيجية لعملية “درع الفرات” وأبعادها المستقبلية .
ثم نختم خلاصة الملف بأن مصلحة الشعب السوري بكل مكوناته تكمن في بقاء سوريا دولة موحدة, تجمع كل الأقوام القاطنين فيها, من أعراق مختلفة, على مبادئ الأخوة والمساواة في ظل نظام ديموقراطي تنشده الثورة السورية.
– أوهام الميليشيات الكردية وتسويق “روجافا“
قامت الوحدات الكردية المنضوية تحت لواء حزب العمال الكردستاني وهو الأصل, وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي, وهو ذاته وحدات الحماية الشعبية الكردية ووحدات حماية المرأة، كما هو قوات سوريا الديمقراطية، منذ انطلاقة الثورة السورية بالاصطفاف إلى جانب نظام الأسد ومارست ذات الأسلوب من التنكيل والترحيل والتوطين في المناطق الشمالية من سوريا، متوهمة أن مرحلة الوهم الانفصالي بدأت باتخاذ طريقها العملي للتنفيذ في عملية حذف الآخر مهما كان: كرديا، عربياً، أو مكونا سوريا آخر.. عدا شراكة نظام الأسد العلنية في مناطق الجزيرة السورية، وتلك مقدمات للدخول في مواجهات دموية مع السكان المحليين، وسط تحذيرات تركية من محاولة حزب العمال الكردستاني إقامة كانتون كردي على الحدود الجنوبية مع سوريا.
وحاولت الميليشيات الكردية وصل الشريط الحدودي من القامشلي شرقا إلى عفرين غربا بالتعاون الوثيق مع نظام الأسد مركزة على فرض أوهامها على قرار أكراد سوريا وملاحقتهم واضطهادهم، والتخلص من أحرارهم بالاغتيالات، كما حدث للسياسي الكردي (مشعل تمو) وغيره، أو تسليمهم أعضاء المجلس العسكري الكردي لسلطة نظام الأسد، وكذلك دغدغة وتر نزعات قومجية أوجلانية ممزوجة بنكهات مذهبية ظنا منهم أن ارتهانهم لإرادة اللاعبين الدوليين يعطيهم الحق في احتلال أراض سورية، ليصبح واقعا يحمل السكان بالقوة على القبول به، ثم يتجاوزونه إلى خلق واقع جديد، كما يتوهمون بكيان انفصالي رسموا خرائطه وحاولوا تسويقه دوليا .
– هوية الميليشيات الكردية الانفصالية
تجمع عصبوي تحضنه مراهقات سياسية طفولية عرف تاريخها عدة تسميات آخرها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني الذي يعتبر رمزه أوجلان وما تفرع عنه من وحدات كردية مسلحة (pyd , pyg ) تبناه نظام الأسد. وتتميز هذه المجموعة, بضحالة فكرها السياسي لنقلهم المكون الكردي من استبداد أسدي عاشوه مع أطياف الشعب السوري إلى صدام بين الأكراد وباقي مكونات الشعب السوري ومارسوا كافة أشكال التنكيل والتهجير والإلغاء القسري لكل مخالف لنظام الأسد ولمشروعهم الانفصالي الضيق الأفق, لا يملكون مقومات القوة بقدر ما يكتسبون قوة الغير منذ أن قام نظام الأسد بتسليحهم لمواجهة الشعب الثائر وتسهيل تسللهم من جبال قنديل إلى سوريا, وصولا إلى تبني الأميركان لهم وزجهم لمحاربة تنظيم “الدولة” مع منحهم فرصة للتنكيل بالشعب السوري وعلى رأسه المكون الكردي؛ وقد صرّح مقاتلوه في أكثر من موقف أنهم دخلوا مدنا وقرى دونما قتال فطائرات التحالف تحرق الأرض أمامهم, ومن غير المستغرب، تصرفات حزب العمال الكردستاني، ولو فعل ذلك الأكراد لقلنا إنها سابقة في تاريخ العلاقات العربية – الكردية القائمة على الوئام والمحبة والتآخي والمصاهرة، والانصهار في بوتقة حضارية وروحية واحدة, وثورة سورية واحدة.
– علاقة الميليشيات الكردية الانفصالية بنظام الأسد
منذ انطلاقة الثورة السورية عام 2011م والعلاقة بين نظام الأسد والميليشيات الكردية تخضع لتنسيق وتفاهم ضد قوى الثورة السورية، وتنسيق أمني مشترك في مدن كالحسكة والقامشلي، ومن جانب آخر تنسق وحدات الحماية الكردية مع التحالف الدولي في مواجهة تنظيم الدولة. وتقدم نفسها للروس كطرف معارض, وصرح نظام الأسد أن الأكراد يقاتلون الإرهابيين إلى جانب الجيش السوري وأنهم يتلقون الدعم بشكل رئيسي من الجيش السوري في إشارة إلى وحدات حماية الشعب «YPG» التابعة «للإدارة الذاتية». واعتبرهم الأسد رديفا لقواته التي لا يمكن إرسالها إلى كل جزء من سوريا.
وقام نظام الأسد بتوقيع اتفاق أمني مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وانسحب كليّا من المناطق الكردية شمال سوريا مثل مدن ديريك وعين العرب وعفرين والتي أصبحت منذ ذلك الحين تحت تصرّف حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يقوم بالتسيير الإداري للمناطق ذات الأغلبية الكردية، بينما تتكفل لجان الحماية الشعبية بالأمن. وفي المقابل يلتزم حزب الاتحاد بمساندة قوات الأسد في قتال الجيش الحر .
ويعتبر نظام الأسد حليفا تاريخيا لحزب العمال الكردستاني منذ 1984, حيث منحه مخيمات للتدريب في سهل البقاع بلبنان زمن التواجد السوري بهذا البلد, وعاش كذلك زعيم الحزب الكردستاني عبد الله أوجلان 25 سنة بحماية الأسد إلى حين توتر العلاقات التركية بنظام الأسد الأب الذي تخلى عن عبد الله أوجلان في اتفاقية أضنة الشهيرة. ليعود الأسد الابن مجددا للتحالف مع صالح مسلم وكيل أوجلان في سوريا، بتنسيق إيراني حيث أوقف حزب العمال الكردستاني عملياته على الأراضي الإيرانية, ودخل معها في تحالف استراتيجي، فإيران تحاول ممارسة ضغوط على تركيا، وتعزيز موقع الأسد من جديد وتعتبر أن تغاضيها عن التسلّل الكردي إلى تركيا يُقدّم لها فائدة مزدوجة تتمثّل في الضغط على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتقاماً من دعمه للثورة السورية، وفي الوقت نفسه توجيه الجهود الانفصالية للأكراد المتململين في الداخل نحو مناطق أخرى.
– لماذا لم يواجه الأسد الملف الكردي
قمع نظام الأسد الشعب السوري بكل مكوناته بما فيهم الأكراد, ولاحق الأحرار منهم وصادر الحريات العامة, ومنذ انطلاق الثورة السورية خشي بشار الأسد من ثورة عربية – كردية ضده، فاستقدم ميليشيات كردية تابعة لحزب العمال الكردستاني، يتزعمها صالح مسلم، لمواجهة الثورة, مع انسحاب قواته من مناطق الأكراد, وبعد قيام تنظيم “الدولة” ترك الأسد الأكراد يتواصلون مع القوى العالمية، بتوافق ما بين الطرفين، وبات حزب العمال يد الأسد التي تصافح أعداءه في العالم. واليد الباطشة له في الحرب ضد تركيا بعد تمكن الرئيس التركي أردوغان الذي كان يشغل منصب رئيس وزراء تركيا، من الوصول إلى وقف إطلاق نار تمهيداً لسلام دائم مع حزب العمال الكردستاني، السلام الذي انتهى حين بدأت الانفجارات تضرب المدن التركية في جنوب الجمهورية التركية بدعم مباشر من نظام الأسد الذي عاد لاستخدام الأكراد ضد تركيا.
ووصل المطاف بالميليشيا الكردية إلى إعلان نظام فيدرالي في شمال سوريا، وبحماية القواعد العسكرية لنظام الأسد في منطقتهم الفيدرالية، بيد أن الوطنيين الأكراد يدركون حماقة ميليشيات صالح مسلم الذين لم يتعلموا من العلاقة مع نظام الأسد الأب، الذي تخلى عن زعيمهم أوجلان بأبسط الظروف الدولية، ولن يختلف الأسد الابن عن سلفه في بيع ميليشيات صالح مسلم في السوق السياسية في حال استعاد العلاقة مع تركيا, أو تمكن من التحالف مع المعارضة السورية, ولكن عملية درع الفرات أودت بالمشروع الكردي الانفصالي وبأحلام الأسد التقسيمية, وسيكتشف الأكراد، أنهم ضحية حزب فاشي مرتبط بنظام الأسد, الذي حولهم إلى أداة تحقيق مصالح إقليمية ودولية.
– الميليشيات الكردية وتحالفاتهم الدولية
ينتقل الأكراد المنضوون تحت حزب العمال الكردستاني بين حضن الأسد والولايات المتحدة وروسيا في وعود واهية لإقامة مشروعهم الانفصالي في الشمال السوري، ويطلعنا التاريخ القريب أن الأكراد عاشوا ذروة حياتهم السياسية، في منتصف القرن الماضي، إذ تمكنوا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، من إقامة جمهورية مهاباد الكردية في غرب إيران، بدعم مباشر من الاتحاد السوفيتي، الذي أراد أن يكون له حلفاء على الأرض في إيران، بغية الاستفادة من الثروة النفطية فيها، وحرمان بريطانيا منها وفي العام 1946، تشكلت أول جمهورية كردية، وعاصمتها مهاباد، بدعم دولي وسياسي واقتصادي من الاتحاد السوفيتي، وفي العام1947 حصل السوفييت على وعود إيرانية بإعطائهم امتيازات نفطية في إيران، وبكفالة أميركية – بريطانية، حينها تخلى السوفييت عن شريكهم الكردي، بعد تلك الامتيازات، فأوعزت روسيا لقواتها بالانسحاب من إيران، ليتبعها حملة عسكرية إيرانية قضت على الحلم الكردي، وقتلت أشهر الشخصيات الكردية قاضي محمد. ومع وصول الملالي إلى سدة الحكم في إيران حذفوا الأكراد من القاموس السياسي الإيراني، وبات الكرد حينها أداة للروس لتحقيق مكاسب دولية واقتصادية في إيران، انتهى دورهم بعد حصول الروس على وعود وامتيازات نفطية في مناطق مهاباد الغنية بالنفط. وهكذا يدخل حزب العمال الكردستاني في تحالف مع الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم “الدولة”, وأقامت قواعد عسكرية في مناطق نفوذه, واقترب من روسيا التي تستخدمه كورقة ضغط على تركيا, ولكن سرعان ما تخلى الروس عنهم تدريجيا في الصفقة السياسية الأخيرة مع تركيا في ظل صمت وتخلي الولايات المتحدة عن الميليشيات الكردية الذين وصفتهم بالمرتزقة الذين يقاتلون لقاء دعمهم بالمال والسلاح إلى أن جاءت عملية درع الفرات.
– درع الفرات ووأد أوهام الميليشيات الانفصالية
جاءت عملية درع الفرات التي يقودها الجيش الحر بالتعاون مع الدولة التركية في المنطقة المحاذية للحدود من جرابلس شرقا ولغاية إعزاز غربا, وإلى منبج وأطراف مدينة حلب جنوبا، والتي يمكن وصفها بأنها الجزء الأكثر حساسية وتأثيرًا في الخاصرة الطبيعية لتركيا؛ فموقعها المحاذي للشريط الحدودي, ووجود مدن جرابلس, ومنبج, والباب, وأخترين والراعي, وموقعها المتوسط بين منطقتي عفرين وعين العرب “كوباني”، أعطاها أهمية كبيرة في وأد حلم الأكراد الانفصاليين, لذلك، كان من أولويات درع الفرات تحرير المنطقة بالسيطرة على كامل الشريط الحدودي منعًا لوجود داعش في المنطقة الحدودية وتهديد تركيا باستهداف منطقتي كركميش وكلس المتكرر .
وتكمن الأهمية الإستراتيجية للمنطقة, في كونها إحدى أهم نقاط الوصل والفصل الجغرافي بين ما يسمى بمنطقتي غرب وشرق الفرات بفضل موقع المنطقة الذي يمتد من عفرين غربًا إلى جرابلس شرقا، وهو ما يضعها ضمن خريطة من يسعى لتحقيق نصر عسكري ضامن للوحدة السورية كما هو هدف الجيش السوري الحر أو ضدها. كما يحلم الفصيل الكردي.
عسكريًّا: تكتسب المنطقة أهمية إستراتيجية في ظروف الصراع المركب لاسيما بعد تحرير غالبية المنطقة والتحكم بالمنافذ الحدودية مع تركيا “جرابلس – باب السلامة – باب الهوى” وطرد تنظيم “الدولة” من المنطقة الحدودية, بالإضافة إلى السيطرة على طرق إمداد الكيان الكردي الحالم بالانفصال.
وبالمقابل فالغالبية العظمى من الأكراد ترى في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي PYD، ذي التوجهات الإيدولوجية الشيوعية الماركسية لحزب العمال الكردستاني بفروعه وتوابعه، وممارسته للقتل والإرهاب، مما يتنافى مع طبيعة الشعب الكردي، مما يجعل الكيان الكردي المنشود كياناً وظيفياً، أشبه ما يكون بالكيان الإسرائيلي المنبوذ من جواره, إضافة لتسلطه واستبداده وقمعه ومصادرة الحريات العامة .
لذلك فإن الأحزاب والقوى السياسية الكردية، تؤيد ضمنا حملة درع الفرات التي لا تستهدف الأكراد، إنما تستهدف تنظيم “الدولة” وحزب pyd مصدر الإرهاب في المنطقة.
كما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون من جانبها عن مشاركة الطيران الأمريكي ضمن قوات التحالف الدولي في دعم حملة درع الفرات.
في الوقت الذي أعربت فيه وزارة الخارجية الروسية عن انزعاجها “بشدة” من تصاعد التوتر على الحدود التركية السورية، وتنظر بحذر إلى التطورات الميدانية في حملة درع الفرات .
هنا، تجدر الإشارة إلى أن من بين المسائل التي ركز عليها الأكراد الانفصاليون وتنظيم “الدولة”، استماتتهم في إحكام القبضة على المنطقة، والسعي لإخضاعها كاملة، بوصفها مركز ثقل جغرافي مثلما أنها مركز ثقل سكاني, ومركزًا للحراك الثوري، ومصدرا داعما للثورة .
في ظل هذه المعطيات، يمكن تفسير التعامل المبكر مع هذه المنطقة من قبل “الدولة” وأكراد صالح مسلم ونظام الأسد, لتأتي عملية درع الفرات كخطوة عسكرية ذكية قطعت الطريق مبكرًا أمام أية محاولة لجعل المنطقة عائقًا دون وصول قوات صالح مسلم إلى غايتها في الربط بين كانتون عين العرب وكانتون عفرين في عملية إنتاج جديدة لنظام الأسد, أو تنظيم “الدولة
التي فقدت أي منفذ حدودي لها.
–خلاصة:
إن الطموح الكردي في قيام دولة تخصهم, له ما يبرره في الفكر السياسي, الذي يجعل من اللغة والعنصر والدين والجغرافيا, المقومات الأساسية لوحدة الأمةّ.
وثمّة عوامل كبيرة حالت دون قيام دولة كردية مستقلة, ولعلّ أهم سببين هما :
الأول: مصالح الدول الكبرى في المنطقة, كانت السبب الأساسي في بقاء الكرد بدون دولة ذاتية تخصهم .
الثاني: الخلافات بين الزعامات الكردية ذات الانتماءات العشائرية المختلفة والتي أوقعت مذابح رهيبة فيما بينهم, وقضت مبكرا على عدد من الدويلات الكردية .
ومع قناعة الثورة السورية ومناداتها بحقوق متساوية لكل مكونات الشعب السوري ومن ضمنهم الكرد, فإن الميليشيات الكردية, أخطأت بجعل بعض المناطق السورية منطلقا للمطالبة بالانفصال, وإقامة دويلة كردية, ويمكن إيجاز أخطاء هؤلاء بعدّة نقاط :
– أولا: العلاقة التاريخية بين السوريين من عرب وكرد, لم تكن علاقة تصادمية, لأسباب تتعلق بطبيعة الشعبين اللاعدوانية, ومجمل العلاقة بينهما, علاقة تراحم وتآخٍ تستند إلى الرابطة الدينية البعيدة عن التعصب القومي .
– ثانيا: الأكراد في سوريا, مواطنون يحتفظون بثقافتهم ولغتهم القومية, دون أن تحاول الدولة السورية المساس بثقافتهم, إلا في عهد نظام البعث, الذي خرّب النسيج الوطني السوري على مدار نصف قرن من تربعه على عرش الحكم, حيث مارس كل أشكال العنف والمصادرة والحرمان, ولم يفرق في طغيانه بين عربي وكردي .
– ثالثا: الأكراد في سوريا بعد الاستقلال, لم يحل بينهم وبين وظائف الدولة, مثلهم مثل باقي مواطني الدولة الآخرين, وفيهم من شغل مراكز هامة في الجيش والإدارة وحتى الرئاسة .
بخلاف أكراد إيران, حيث السمة الأساسية للعلاقة بينهما القهر والاضطهاد, والأسوأ من ذلك, فالأكراد في القاموس السياسي الإيراني تسمية لم يعد لها وجود بعد انتصار الخميني وأشياعه على حكم الشاه وإسقاطه في العام 1979م, وبقي الأكراد في إيران مجردين من الهوية الثقافية, ناهيك عن الهوية القومية .
وتدرك القيادة السياسية للأحزاب الوطنية الكردية والمتنورون منهم, أن نظام الأسد, يريدهم وسيلة من وسائل الضغط على الثورة السورية, فنظام الأسد يعارض إقامة دولة تجمع الأكراد, وتجعل منهم نواة أمّة مستقلة, والعطف على الكرد الذي ظهر فجأة عند نظام الأسد, عند انطلاق الثورة السورية, ليس أكثر من عملية نفاق سياسي مؤقت بما يحقق مصلحة النظام, مهما قدّمت الميليشيات الكردية من مساعدات في عدوانه على الشعب السوري, وذلك بسبب التحالف الاستراتيجي بين نظام الأسد وإيران القائم على الرفض الإيراني لفكرة الدولة الكردية .
وسيجد الأكراد السوريين, فشل تلك الميليشيات, وأن مصلحتهم تكمن في بقاء سوريا, دولة موحدة, تجمع كل الأقوام القاطنين فيها, من أعراق مختلفة, على مبادئ الأخوة والمساواة وفي نظام ديموقراطي, لا مجال فيه للقهر والاضطهاد الإنساني.