هل حسمت تركيا خيارها؟، الطريق آمن. لكن لا أحد يصدق كذاباً، ماذا ينتظر حلفاء الثورة؟، لقاء الأحبة،
تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”
ماذا ينتظر حلفاء الثورة؟
أكد وزير خارجية السعودية عادل الجبير أنّ السعودية تدرس إرسال “أسلحة فتاكة”.
لا يعد تصريح الجبير الأوّل من نوعه، فقد سبقه تصريحات كثيرة مماثلة، لكنّ الجديد الهجمة الوحشية التي لم يسبق لها مثيل على حلب، وارتكاب عشرات المجازر. وتطور الموقف الأوربي الضاغط على أمريكا، ولا يغيب هنا تعطيل روسيا لمجلس الأمن من جهة، والسعي نحو حسم عسكري يبقى بموجبه الأسد، فروسيا تريد حلّاً يشبه النسخة “الغروزنية”.
وهذه التطورات ستدفع نحو تزويد المعارضة بسلاح نوعي لا يتضمن “مضادات للطيران” حيث يدعم الاتحاد الأوربي -فيما يبدو- هذا الخيار. ولن تستطيع الولايات المتحدة منعه كالسابق بعد التطورات اللاحقة، ووصول العملية السياسية لحائط مسدود، وتدرك روسيا مخاطر هذه الخطوة لإدراكها أن التفوق بالطيران وحده ما يرجح كفة النظام، وأي دعم عسكري سيقلب المعادلة العسكرية، فالنظام لم يعد جيشاً إنما ميليشيات طائفية “مرتزقة” وحثالة المجتمع “شبيحة” وهؤلاء لا يملكون إرادة الصمود.
وعليه ينبغي المسارعة في اتخاذ القرار قبل أن نصل لنقطة لا ينفع فيها الندم، ولا يمكن من خلالها إعادة التوازن. وهذا ما ستكشفه الأسابيع القادمة.
هل حسمت تركيا خيارها؟
مقتل 160 عنصراً على الأقل من ميليشيا PYD ومواليها إثر استهداف 18 موقعاً لهم من قبل الطائرات التركية والمدفعية ضمن عملية درع الفرات.
مع إحكام الثوار سيطرتهم على “دابق” وما حولها، وفك الحصار عن مارع من الجهتين الشمالية والشرقية، وتوجه الثوار نحو مدينة الباب التي لم يعد يفصلهم عنها سوى13 كم، سارعت القوات الكردية -كعادتها- لطعن الثوار في الظهر فاقتحمت القرى جنوب مارع مستفيدة تخلخل صفوف الدواعش فسيطرت على عدة قرى؛ حساجك، الحصية، أم حوش واشتبكت مع ثوار “درع الفرات” بذريعة تعطيل الثوار لمعركتهم ضد داعش، وتشير الحقيقة خلاف ذلك فجبهة الكرد مع داعش هادئة منذ شهور، كما أن الزحف الكردي نحو الباب توقف منذ طلب الولايات المتحدة منهم التوجه شرق الفرات فاكتفى الكرد بريف منبج الجنوبي دون المتابعة نحو مدينة الباب.
فالتحرك الكردي الأخير يهدف للتشويش على الثوار من جهة، وتشكيل طوق حماية لقوات النظام يفصلها عن المعارضة السورية، فمما لا شك فيه أن الثوار سيتجهون نحو حلب بعد معركة الباب، ولم يتوقع أحد حتى الثوار أن تتدخل تركيا بهذه القوة إذ شنّت أكثر من 15 غارة عدا القصف المدفعي على القرى التي سيطرت عليها القوات الكردية مما أوقع خسائر كبيرة في صفوفها، وجعلها تستغيث، فأصدر النظام السوري بياناً هدد فيه بإسقاط أي طائرة تركية تقصف في سورية.
يدلل التصرف التركي على حسم تركيا أمرها، وإصرارها على رسم المنطقة الآمنة، ولا شكّ أن الضربة التركية كانت بليغة جداً، وحتماً ستفهم القوّات التركية أنّ الأمر تغير.
الطريق آمن. لكن لا أحد يصدق كذاباً
أيها المسلحون في شرق حلب: ستؤمن الحكومتين السورية والروسية والمنظمات الدولية مناطق ومسارات آمنة للخروج إلى إدلب وتركيا بدون تفتيش أو تأكد من البيانات الشخصية، وكل من يرغب بترك السلاح وتسليم نفسه سنضمن له العفو والأمان.
ما سبق كان مضمون إحدى المناشير التي ألقاها النظام، والرسائل النصية التي أرسلها لأجهزة الهواتف المحمولة.
تندرج الرسالة في إطار “الحرب النفسية” وضرب الحاضنة الشعبية للثوار، ولا يدرك النظام أن هذه الرسائل تزيد من عزيمة الثوار والمحاصرين معاً لأسباب كثيرة، وتكشف هذه الرسالة ومثيلاتها عجز النظام وروسيا معاً عن الحسم العسكري في حلب، ولا سيما بعد فشل عشرات المحاولات في اقتحام أحياء الأحياء الشرقية (سليمان الحلبي، بستان باشا، الشيخ سعيد، صلاح الدين، حلب القديمة، كرم الطراب وغيرها).
أما القارئ المحايد لنص الرسالة فلا يشك أنّ سورية غدت بلداً محتلاً من الروس ” ستؤمن الحكومتين السورية والروسية” فالحكومة الروسية هي من تدير حرب الإبادة الممنهجة ضد حلب وغير حلب، وما النظام سوى واجهة يختبئ الروس خلفها، ويدرك المدنيون قبل العسكريين في حلب أن المعابر والعفو مجرد كذبة، فالنظام ما زال ينصب الحواجز ويعتقل المواطنين على تشابه الأسماء” فكيف بمن حمل السلاح”.
ويهدف النظام من خلال هذه الخطوة حقيقة لتحقيق أمرين خلق فتنة بين الفصائل من خلال الحديث عن خروج بعض المسلحين. وخلق فتنة بين الثوار والأهالي من خلال تحميل الثوار وزر الحصار، ولا بدّ هنا من سؤالين كبيرين يوضحان عهر النظام ودجله، وعدم مبالاته بتدمير سورية في سبيل البقاء على كرسي تلطخ بدماء السوريين:
إذا كان هؤلاء المسلحون إرهابيين كما يدعي النظام فكيف يكافئهم بالخروج آمنين بعد كل هذا القتل والدمار. ألا يجب القصاص منهم؟!
وإذا كان هؤلاء إرهابيين كما يزعم فكيف يسمح لهم الذهاب لمحافظة أخرى”إدلب” ألم تعد إدلب محافظة سورية؟! ألا يستحق أهل إدلب الأمان كغيرهم؟!
وهل سيتركهم يعيشون بأمان في إدلب أم أنه سيحرق لاحقاً إدلب بمن فيها بدعوى وجود إرهابيين أتى بهم عبر ممرات آمنة؟!
تظهر هذه الرسائل إضافة لكذب النظام وضاعته وخيانته، وسعيه لحرق الوطن بمن فيه.
لقاء الأحبة
رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك يصل القاهرة بناء على دعوة من الجانب المصري.
لم يتم تسريب الخبر عبر جهات صحفية بل نشرته وكالة “سانا” الرسمية التابعة للنظام، ويأتي الخبر منسجماً مع تصويت مصر لصالح القرار الروسي في مجلس الأمن، وإصرار إيران على حضور وزير خارجية مصر محادثات لوزان، فالمشهد بات واضحاً.
لقد طعن “السيسي” داعميه الخليجيين، وخانهم تماماً كما خان الشعب المصري عندما انقلب على الشرعية الديمقراطية في مصر.
ويبقى سؤال المليون: كيف يصطف نظام السيسي الذي يدعو لعلاقات حميمة وسلام دائم مع إسرائيل إلى جانب أنظمة الممانعة والمقاومة (إيران، سورية) التي تدعو لإزالة إسرائيل من الوجود؟، كيف يحاسب نظام السيسي الإخوان بتهمة التواصل مع حزب الله، ويتعاون مع سيّد حزب الله؟! كيف يدعي حربه على الإرهاب وهو يستقبل إرهابياً “علي مملوك” ثبت عليه تهمة الإرهاب في بلد شقيق “لبنان وقضية ميشال سماحة”؟.
يوضح الجواب أن (السيسي، إيران، نظام الأسد) يجمعهم أمران اثنان: أمن إسرائيل من جهة، والطبيعة الديكتاتورية المشتركة لأنظمتهم من جهة ثانية، فالسيسي يعرف أكثر من غيره أن النظام السوري أقرب له بكثير من دول الخليج وخاصة فيما يخص فقدان الشرعية والفساد والظلم، وبالتالي وجد نفسه غريباً مع أنظمة الخليج.
يوضح ما سبق أن الثورات العربية ما زالت في بدايتها، وأنها أكبر من الإطاحة برئيس فهناك جذور عميقة للعمالة والفساد وذلك لا يتم القضاء عليه في سنة وعشر ولا سيما أنه يجد داعمين خارجيين، وينبغي أن تدفع الصورة الواضحة الخليج العربي لاتخاذ خطوات فعّالة فالأمر يتعلق بأمن الخليج العربي خصوصاً والعربي عموماً، فدعم الثورة السورية في الوقت الراهن لم يعد دعماً لخيارات الشعب السوري بل دعم للأمن الخليجي والهوية العربية الإسلامية.
الحقد الطائفي
انتشر على مواصل التواصل الاجتماعي أشرطة فيديو جديدة تظهر حجم الجرائم المنتهكة بحق أهل السنة من قبل ميليشيات الحشد الشعبي “الشيعي” ومن هذه الأشرطة تكسير عظام نازحين من أهل السنة بمطرقة حديدية. وفيديو آخر لقتل إمام مسجد سني من مجموعة عناصر ليقوموا بعدها بإخراج قلبه، وأكله وسط ضحكات وقهقهات متوحشة.
الفيديوهات المسربة جزء بسيط مما يحدث في العراق. وماخفي أعظم وأدهى، والطامة الكبرى أنه “إرهاب” ممنهج ترعاه مرجعيات دينية، وسياسات حكومية رسمية، وتحميه وتساعده قوى دولية متمثلة بالتحالف الدولي بزعم محاربة “الإرهاب الداعشي”. تكشف هذه الفيديوهات والجرائم الموثقة من منظمات حقوقية دولية حجم الحقد “الطائفي” الذي يحرك هذه الميليشيات، حقد لا يمكنه أن يقضي على إرهاب لأنه الإرهاب عينه، حقد لا يبني وطناً بل يمزقه، ويجعل من أبنائه وحوشاً تتصارع في سبيل إفناء بعضها.
توضح هذه الفيديوهات الأسباب العميقة لنشوء داعش أولاً، ولتطرفها الأسود ثانياً. ولا نبرر هنا إرهاب داعش إنما نوصف الحقيقة، ونبحث عن حل تتخلص فيه المنطقة من شرور الإرهاب بكل أنواعه.
فخطورة إرهاب الحشد “الشيعي” تفوق الإرهاب الداعشي لأننا كما أسلفنا حيث يحظى إرهاب الحشد الشيعي برعاية المؤسسة الدينية والسياسية، خلافاً للإرهاب الداعشي الذي رفضته وحاربته الأنظمة السياسية والدينية السنية، كما أنّ إرهاب الحشد الشيعي يُغذى ويعمل لصالح دولة إقليمية “إيران” ولا يهدف لبناء وطن جامع للعراقيين، خلافاً للإرهاب الداعشي القائم على تهميش المكوّن السني.
ماذا بقي من مصداقية للأمم المتحدة؟!
فضيحة جديدة للأمم المتحدة تحدث في سورية. إذ تسمح المنظمة وفق صحيفة نيويورك تايمز لشركة روسية حظرت التعامل معها قبل 10 سنين لتقديمها رشاوي لتقوم اليوم بإسقاط مواد غذائية فقط على دير الزور المحاصرة من داعش دون غيرها من المدن المحاصرة.
لم تعد الأمم المتحدة عبر مكاتبها الإنسانية مجرد ممول اقتصادي تحمل عن النظام أعباء اقتصادية لقطاعات الصحة والتعليم والغذاء بل والخدمات بل تحولت لشريك سياسي وعسكري ينفذ مخططات الأسد في عمليات التهجير والإبادة.
يبدو ما سبق ضرباً من الخيال، وافتراءات عظيمة لا يمكن تصديقها بأية حال لكن الواقع اليومي المكرر -للأسف- يثبتها، ويبقى ما خفي أخطر. فكلّ عمليات التهجير التي قام بها النظام تمت برعاية الأمم المتحدة، ونحن لا نتحدث هنا عن إفراغ المدن من المعارضة المسلحة بل من أهلها المدنيين، وهذا يخالف أبسط المبادئ والحقوق الإنسانية التي تنص عليها القوانين الدولية. ولا يخفى على أحد أن كافة أموال الأمم المتحدة “المساعدات” تضخ في مناطق سيطرة النظام رغم أن المحتاج والمستحق الحقيقي لها في مناطق المعارضة، وتوزع مكاتب الأمم المتحدة يشير بوضوح لتحول مؤسساتها في سورية لمؤسسة رسمية سورية تخضع لرقابة أمنية، وليس أدل على ذلك من ذهاب أسماء كل العاملين لمكاتب الفروع الأمنية لأخذ الموافقة ناهيك عن الرقابة الأمنية المفضوحة.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.