الرقة تذبح بصمت
الجزء الثالث
بعد أن استعرضنا في الجزئين السابقين أهم سمات العمل الإعلامي لدى تنظيم داعش وتحليل هذه الأساليب والرسائل التي يريد التنظيم إيصالها سنحاول في الجزء الثالث والأخير من هذه السلسة وضع بعض الأفكار العامة التي نراها فعالة في مكافحة الدعاية التي يقوم تنظيم داعش باستخدامها.
هناك بعض الأفكار العامة وهي أفكار أولية لكنها يمكن أن تكون لبنة في بناء استراتيجية للقضاء على الماكينة الإعلامية لأحد أسوء الجماعات المسلحة التي عرفها التاريخ المعاصر يمكن تلخيصها بثلاث أفكار رئيسة : كسر جدار الخوف، كشف حقيقة التنظيم، الحل السياسي في سوريا.
– كسر جدار الخوف :
لطالما تحدث المحللين والخبراء الإعلاميين عن “ادارة التوحش” و”الفظيع” الذي يريد تنظيم داعش إيصاله للجمهور بأنه القوة التي لا تقهر كان عنوانها المزيد من القتل على طريقة أفلام الرعب في كل مرة يزيد حجم الجرعة من الفظاعة حتى لا يعتاد الجمهور عليها “بعكس تنظيم الأسد الذي يقوم بذلك بطريقة بطيئة بحيث لا تثير العالم عليه وتصبح خبراً طبيعيا، ففي بداية الثورة تعمد النظام قتل المتظاهرين بالعشرات واخذ الرقم يزداد تدريجيا حتى أصبح المشهد اعتياديا”، بدأها بمسلسل قطع الرؤوس في خريف 2014 ثم القتل حرقا فنسفا أو تذويبا بالأسيد …..، يريد أن يحدث صدمة في كل اصدار بحيث يجعل الفضول دافعا لمشاهدة الفيديو وبالتالي وصول الرسالة التي يريدها ، الحل هو حملة توعية حقيقية بعدم تناول خبر هذه الإصدارات ومشاركتها خاصة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي قدر الإمكان حتى بدافع النقل الإعلامي بذلك يُحرم التنظيم من هدفه من هذه العملية.
– السخرية :
إنّ السخرية من هذا التنظيم وأفعاله تسبب كسرا حقيقيا لجدار الخوف ففي بداية الثورة السورية ،كان النظام السوري أقوى من داعش بمئات المرات ولم يكن بيد المتظاهرين قطعة سلاح واحدة ، كما أنّ لديه فروع أمن تفوق ما فعله تنظيم داعش وهي بنت جداراً مركبا من الخوف على مدى أربعين عاما ، الجميع يتذكر فيديوهات السخرية من النظام ورأسه المجرم بشار الأسد، نجحت الثورة باقتلاع أي بذور للخوف من النظام ، لكن لم يوجد أي شيء حقيقي تجاه تنظيم داعش بالعكس نرى الجميع يقوم بمشاركة اصدارات التنظيم مسهماً بغير قصد في توصيل الرسالة التي يريدها التنظيم أن “خافوا منا وأطيعونا” .
– كشف حقيقة التنظيم :
فهو ليس دولة وليس إسلاماً ، بل هو تنظيم إرهاب وتدمير جمع كل شذاذ الآفاق في الكون مستغلين الثورة السورية وبتسهيل من نظام الأسد والمالكي فبشار الأسد هو من أطلق سراحهم من السجون ، واعتقل مقابلهم خيرة شباب الثورة ، كذلك المالكي الذي سهل هروبهم من معتقلات العراق ، ومن ثم سيطرتهم على الموصل ، هذه حقيقتهم هم أداة في يد غيرهم ،مشروعهم القتل والتدمير .
فهم ليسوا دولة وإن ادعوها : فلكل دولة حدود متصلة وعلم وشعب تقوم هذه الدولة على حمايته ورعاية مصالحه وفق عقد اجتماعي يسمى دستور وعملة أما هم فحدودهم تتغير كل ساعة نحو التقلص وتكفي بيعة من بضع عشرات ليعلنوا عن ولاية جديدة ، رايتهم سوداء كأفعالهم، الشعب أما في سجونهم ، أو مهجر فاحتلوا بيته وأملاكه وإما منتظر الفرصة لكي يخرج من تحت جحيم حكمهم. أما العملة فقد صدعوا الآذان بأنه سينشرون عملتهم التي ستزلزل اقتصاد الأمم وحتى الآن نراهم لا يتحدثون إلا بالدولار ويتعاملون به .
وهم ليسوا أشرس مقاتلين : متى واجهوا عدوا حقيقا وانتصروا عليه احتلوا المحرر وسرقوا أسلحة الجيش الحر وغدروا بأفراده ، وإن انتصروا على النظام في معركة فقد هزموا في معارك فاستطاع النظام فك الحصار عن كويرس واستعادة تدمر وحصار حلب كل ذلك بانسحابهم المتكرر وخيانتهم، تل أبيض ومنبج سلموها لقوات الـ YPG ومؤخرا انسحبوا من جرابلس أمام الجيش الحر وقوات خاصة تركية وسيخرون ريف حلب الشمالي كله بما فيها دابق التي يتغنون أن ملحمة نهاية العالم فيها
هذه حقائق وليست حربا نفسية يجب أن توضح للجمهور ، وإن تعدد أعدائهم لا يعطيهم أي شرعية فليس من الضروري أن يعاديك العالم كله لأنك تبتغي الاسلام بل بسبب أن تنظيم باغ استقطب كل العالم عبر قتل صحفيين وضربهم في أراضيهم وتفجير مدن غربية وحين يقومون بضربه يستغلون دين الله ليقولوا للناس إنما ضربونا لأننا مسلمون نريد إقامة “شرع الله”.
– الحل السياسي في سوريا:
التنظيم يتغذى على الطائفية ليبرر وجوده والنظام يستفيد من ذلك ليقول إما أنا أو داعش ، إنّ استمرار النظام السوري في قتل شعبه وعدم تحرك جدي من باقي دول العالم لردع هذا النظام يؤدي خدمة دعائية كبيرة للتنظيم بل إن بقاء الأسد ونظامه في السلطة مبرر أساسي لوجود التنظيم أي حل سياسي لسوريا يجب أن يكون متضمنا رحيل الأسد وأعوانه ومحاسبتهم سيسهل كثيرا من عملية القضاء على داعش والا فيسكون مصير ضحايا البراميل في حلب وحمص وادلب بعد كل تلك الجرائم والصمت الدولي عنها هو اليأس ولا أفضل من تنظيم داعش الذي يفتح ذراعيه لمن يريد الانتقام.