قال الكاتب مايكل ويز من موقع “ديلي بيست” إن تنظيم الدولة تعهد بالبقاء والتمدد، فشعار ما تسمى الدولة الإسلامية “باقية وتتمدد”، مشيرا إلى أن الضغوط المستمرة عليه جعلت قوته تتراجع، ومناطقه تتقلص، ويتساءل عن رؤية أتباعه حول التطورات التي يتعرض لها.
ويقول ويز: “يرفض أعضاء تنظيم الدولة بشكل عام الحديث للصحافيين الأوروبيين، مع وجود استثناءات قليلة، والسبب هو أن تنظيم الدولة استثمر كثيرا في حملة إعلامية مدروسة شعارها: (استمعوا منا ولا تسمعوا عنا)، وهو شعار صمم ليظهر لأتباعه والذين يفكرون بالانضمام إليه أن ما يقوله التحالف الصهيوني الصليبي كذب، فالحقيقة الغيبية الكبرى هي أن تنظيم الدولة يمكن فهمه من خلال الانضمام إليه، أو الاستماع لما يقوله المجاهدون”.
ويشير الكاتب في مقابلته، التي ترجمتها “عربي21″، إلى أنه أجرى ولعدة أسابيع اتصالا عبر وسطاء مع “أبو جهاد”، وحاول إقناعه بالتحدث إلى صحافي أمريكي، ووافق مترددا لكن بشرط عدم الكشف عن اسمه، أو دوره الحالي في التنظيم، لافتا إلى أنه ليس مسؤولا بارزا، أو قياديا من قادة الوسط، فهو مواطن وموظف في “الخلافة”، والأهم أنه يعيش في “عاصمتها” الرقة.
ويقول ويز إنه كان مهتما لفحص مدى إيمان هذا الرجل في التنظيم، الذي يخسر مدينة وراء أخرى، وبلدة وراء بلدة في أنحاء العراق وسوريا، مشيرا إلى أنه قام بمقابلة عدد من المنشقين عن تنظيم الدولة، الذين قدموا رؤية غير ضبابية، وربما انتقائية، عن قادتهم بعد انشقاقهم عن التنظيم.
ويستدرك الكاتب متسائلا: “لكن ما هي الدوافع التي تدفع شخصا ليحتفظ بولائه لزعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي في هذه الأوقات الصعبة؟”، لافتا إلى أنه وعد بتقديم إجابات “أبو جهاد” كاملة، ووضع تعليقاته بخط مائل.
ويورد الموقع أنه ردا على سؤال عما يفعله لتنظيم الدولة، أجاب أبو جهاد أنه احتل مناصب عدة في “الدولة”، لكن ما يهم هو “الموقع أثناء الحرب، فإنك ترى القضاة، والعلماء، والأطباء، والممرضين، كلهم يقاتلون عدو الله في الخندق ذاته”.
ويذكر ويز أن أبا جهاد عرف عن نفسه بأنه أصلا من غزة، وولد في الكويت، وكان على عائلته الخروج منها؛ بسبب حرب الخليج الأولى، وذهبت العائلة إلى مصر، حيث درس وتخرج من الجامعة، وسافر إلى سوريا عام 2012، ويقول أبو جهاد إنه قاتل أولا مع جبهة النصرة، أو ما تعرف بجبهة فتح الشام، وأثناء القتال بينها وبين تنظيم الدولة قرر الانضمام إلى الأخير؛ لأنه اعتقد أنه سيعلن عن الدولة الإسلامية، أما جبهة النصرة فلم تكن لديها أي رؤية واضحة، بحسب قوله.
ويتحدث أبو جهاد عن الحياة في الرقة وتحت قصف التحالف قائلا: “حمدا لله الذي منحنا فرصة في حياتنا لنشاهد ولادة الدولة الإسلامية، والرقة هي عاصمة الدولة الإسلامية، ونعيش حياة إسلامية هنا، صحيح أننا نتعرض لغارات جوية قليلة بين الفينة والأخرى، إلا أننا مسلمون، ونعرف أنه ليس من السهل علينا إنشاء دولتنا الإسلامية، ونعرف أننا سنكافح ونعاني على طول هذا الطريق، ولو نظرت إلى ولادة الأمم فإنك ترى أنه يجب أن تمر بما نمر به نحن، فقد مرت الولايات المتحدة مثلا بحرب أهلية لعدة سنوات قبل أن تصل إلى شكلها الحالي اليوم، كما مرت فرنسا عبر ثورة استمرت 30 عاما، ولم يمض على إعلان الدولة الإسلامية إلا عامين، وكما ترى فإن العالم كله ضدنا، لكننا نوسع مناطقنا في أنحاء العالم كله”.
ويعلق الكاتب قائلا إن “الواقع يشير إلى خلاف ذلك، فقد خسر التنظيم مناطق في سوريا، والعراق، وليبيا، مع أنه توسع في مصر، وروسيا، وبنغلاديش”.
ويقول أبو جهاد عن أهل الرقة إنهم “سكان عاصمة الدولة الإسلامية، ويحبون الحياة التي يعيشون فيها بسلام وأمن، غادر بعضهم، وبقي معظمهم، وهؤلاء لا يبيعون بلدهم بالعالم كله”.
ويعلق ويز قائلا إنه “لم تظهر صحوة أو صحوات في الرقة ضد التنظيم، وهناك جيوب للمقاومة، وبعض الجماعات مثل (الرقة تذبح بصمت)، التي تتم ملاحقة أتباعها الذين يوثقون ممارسات التنظيم، ومن يتم التعرف عليه منهم يعتقل أو يقتل، سواء كان في الرقة أم في جنوب تركيا”.
ويقول أبو جهاد عن أثر مقتل القادة الكبار، من أبي علي الأنباري، وأبي مسلم التركماني، وأبي عمر الشيشاني، على قوة التنظيم: “مقتل القادة الكبار أو الأمراء لن يترك أثرا علينا، فالأشخاص والأسماء ليست مهمة، وأهم شيء هو الأيديولوجية، في عمان 2006 قتلوا (الأمريكيون) أبا مصعب الزرقاوي (مؤسس تنظيم القاعدة في العراق)، وعددا آخر، ولم يوقف هذا إنشاء تنظيم الدولة، أبو بكر البغدادي هو في النهاية رجل، وهو واحد من بين من أعلنوا ولادة تنظيم الدولة، إلا أنه واصل ما كان يعمله أبو مصعب الزرقاوي وأبو مصعب السوري، وغيرهما كثيرون كانوا يعملون من أجل الدولة، توفي النبي محمد قبل 1400 عام، فهل نقول إن الإسلام انتهى؟ فهناك دائما رجال نذروا أنفسهم لله، يمكنهم قتل الرجال، لكن الأيديولوجية لا تموت”.
ويتساءل الكاتب عما إذا كان التنظيم سيخسر الرقة والموصل هذا العام، وماذا يقول الجهاديون في أحاديثهم الخاصة عن خسارة منبج؟ ويجيب أبو جهاد: “لم نخسر منبج، بل انسحبنا منها لحماية المدنيين، وتعرضنا لمئات الغارات الجوية كل يوم، وخسارة معركة لا تعني خسارة الحرب”.
ويفيد الموقع بأن أبا جهاد ينكر خسارة تنظيم الدولة أجزاء من الدولة الإسلامية، ويقول: “سنفاجئ العالم، كما فعلنا عندما غزونا العراق قبل عامين، ونريد من العالم أن يعرف أن الدولة الإسلامية لا حدود لها أو خريطة، وسنتمدد حتى نحتل العالم كله، وكما ترى فنحن في كل مكان، ويعمل الإخوة في العالم كله، وكما قلت فإننا قد نخسر جولة أو جولتين، لكن المعركة لم تنته، ومهما كانت لديك من أسلحة وطائرات فسننتصر في هذه الحرب، نحن نقاتل في سبيل الله، وليس عندكم قضية تقاتلون من أجلها”.
ويختم “ديلي بيست” مقابلته بالإشارة إلى قول أبي جهاد إن “الإخوة في أوروبا وأمريكا وبقية أنحاء العالم يجهزون لمفاجآت، وما فعلناه من قبل سيبدو كأنه نكتة مقارنة بما هو آت”.
المصدر : عربي 21