تأسس تنظيم القاعدة وفقاً للمؤرخين في الفترة ما بين أواخر عام ١٩٨٨ وبدايات عام ١٩٩٠٬ حيث دعا التنظيم مسلمي العالم للنفور إلى الجهاد ضد المحتل٬ وإنهاء النفوذ الأجنبي في البلدان الإسلامية٬ هاجم بعدها التنظيم عدداً من الأهداف المدنية والعسكرية في دول عدة٬ ليصنف على إثرها كمنظمة إرهابية٬ وقد اعتمد التنظيم منذ تصنيفه كتنظيم إرهابي على المركزية في القرار واللامركزية في التنفيذ, حتى وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول – سبتمر ٢٠٠١٬ والتي دفعت التحالف الأمريكي – الغربي لمحاربة التنظيم٬ والتضييق عليه جغرافياً٬ دافعاً إياه لإعتماد خطة القيادات الإقليمية التي تعمل على شكل كتل بشرية٬ ومجموعات غير مرتبطة تتحرك تحت اسم تنظيم القاعدة.
وفي بدايات عام 2013 ظهر تنظيم داعش بقيادة أبو بكر البغدادي٬ على انقاض تنظيم القاعدة في العراق والذي أسسه وبناه الأردني أبو مصعب الزرقاوي في عام ٢٠٠٤٬ لصد القوات الأمريكية والعراقية عقب غزو العراق عام ٢٠٠٣.
ليصبح اليوم تنظيم داعش٬ مغناطيساً لجذب الأفراد والمجموعات المؤمنة بمشروع الخلافة٬ داعياً إياها للتحرك نحو سوريا والعراق, وكان لعدة عوامل دوراً كبيراً في اتساع رقعة التنظيم٬ وأهمها سياسة التميز العنصري بحق العرب السُنة٬ وما رافقه من انتهاكات واتهامات لسنة العراق من قبل المليشيات الحكومية المسيطر عليها من قبل إيران وشيعة العراق٬ واتهامها لمعظم العرب السنة بتهمة “فلول البعث الصدامي”٬ الامر الذي دفع العديد من العرب السنة للإنضمام للتنظيم.
ولم يكن الأمر بسوريا مختلف عن جارتها العراق٬ فانتهاكات وممارسات النظام السوري الطائفي٬ دفع السنة المحتقنين بعد ٤٠ عاماً من الظلم٬ لإيجاد البديل بإنتماءهم لعدد من التنظيمات ومنها تنظيم داعش.
فلم يختلف تنظيم داعش في عبثيته وأساليبه عن تنظيم القاعدة٬ لتكون محصلة هذه المشاريع الوليدة٬ بتطليق السياسة والفكر٬ وانتهاج طريق الموت هرباً من المواجهة المنطقية٬ مع قدرتها الكبيرة على خلط أوراق القضية الأساسية المتمثلة بثورات الربيع العربي ومنها الثورة السورية والمقاومة العراقية٬ مستغلين إياها ومشوهين صورتها٬ متقنين تحديد المكان والهدف.
وفي ظل غياب استراتيجة عالمية واضحة لمحاربة داعش٬ واستغلال الأطراف السلطوية لأفعال التنظيم في فرض الرؤية العقائدية وتصفية الخصوم المعارضيين بغطاء مكافحة الإرهاب٬ فلن يكون الحل بأطنان المتفجرات والصواريخ الموجهة٬ بل نحن بحاجة إلى أيديولوجية كونية جديدة٬ تحرر الإنسان من النزعة السلطوية الحاكمة٬ والعنجهيات المذهبية والطائفية بإزالة المسبب المتمثل بالأنظمة الطائفية وانتهاكاتها.