الرقة تذبح بصمت
أبو محمد العدناني، “الإرهابي العالمي” كما تطلق عليه الولايات المتحدة الأمريكية، والذي اشتهر بتهديداته وتصريحاته التي طالت العديد من دول العالم، وهو الاسم الثاني على قائمة المطلوبين دولياً، ويطلق عليه داخل التنظيم أمير الشام؛ وقد تم تعينه المتحدث الرسمي باسم التنظيم في بدايات عام 2014؛ وفي الخامس من مايو/أيار ٢٠١٥، أعلنت الخارجية الأميركية مكافأة خمسة ملايين دولار مقابل أي أأي معلومات عنه.
عُرف العدناني بعدة اسماء، اسمه الأصلي هو طه صبحي فلاحة، ولد في سوريا عام 1977 في ريف محافظة ادلب، نشأ طه في بلدة بنش في ريف ادلب لعائلة متوسطة الحال متدينة، وكبر على حب المساجد وريادتها، وتمكن من حفظ القرءان الكريم في أقل من عام.
سجن ثلاث مرات في فرع أمن الدولة في سوريا، على خلفية اتهامات دعوية وجهادية، وقد باشر العمل التنظيمي عام 2000، مبايعاً زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي، وانتقل إلى العراق مطلع عام 2003، عقب الغزو الأمريكي للعراق.
تم اعتقال العدناني على يد القوات الأمريكية في العراق، في 31 مايو/أيار عام 2005، مستخدماً اسماً مزوراً وهو “ياسر خلف حسين نزال الراوي” ليفرج عنه بعد ست سنوات لعدم معرفة أهميته. وكشفت الاستخبارات الأميركية أن اعتداءات باريس التي وقعت في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وتفجيرات برج البراجنة في ضاحية بيروت، كانت تحت إشراف أبو محمد العدناني مباشرة.
عاد العدناني إلى الواجهة مرة أخرى عندما أعلن بعيته للبغدادي كخليفة لما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، حيث ظهر في تسجيل مصور في منطقة الشريط الحدودي بين سوريا والعراق، معلناً كسر الحدود واتفاقية سايكس بيكو.
أُرسل العدناني إلى سوريا في أواخر عام 2011، على رأس مجموعة من عناصر التنظيم من بينهم “أبو محمد الجولاني وحجي بكر وأبو علي الأنباري تحت مسمى جبهة النصرة لأهل الشام، غير معلنين في البداية أنهم مجموعة تابعة للبغدادي، وقد كان وجود العدناني غير ظاهر للعلن، ولم يكن معروفاً للأجهزة الأمنية والاستخبارية العالمية.
اقتصرت مهمة العدناني في سوريا، كناطق باسم التنظيم، وراصداً لعمل جبهة النصرة وقائدها أبو محمد الجولاني في سوريا؛ وقد شككت التقارير التي أرسلها العدناني إلى أبو بكر البغدادي في ولاء الجولاني لـ تنظيم داعش وتفكيره بالانشقاق عنها، متخذاً من سياسة تقريب المقاتلين المحليين الأنصار هدفاً لخلق بئية حاضنة له في سوريا، معتبراً أنّ الوضع في سوريا مختلف عن الوضع في العراق؛ في احدى تقاريره التي رفعها للبغدادي، أكد العدناني أنه لاحظ العديد من التصرفات التي تخالف الشريعة، وأن الجولاني قرب إليه من هم ليسوا على منهج الدولة، من أمثال أبو مارية القحطاني المسئول الشرعي السابق لجبهة النصرة في دير الزور.
قرر البغدادي بعدها الإعلان في تسجيل صوتي أن جبهة النصرة تابعة للدولة الإسلامية في العراق، كاشفاً عن المسمى الجديد وهو “دولة الإسلام في العراق والشام”، وهو الإعلان الذي فجر خلافات مريرة بين داعش والقاعدة وصل لحد الاشتباكات المسلحة.
بعد خطاب أيمن الظواهري، والذي أمر فيه تنظيم الدولة بالعودة إلى العراق وبقاء جبهة النصرة في الشام- ظهر أبو محمد العدناني، ليرفض دعوة الظواهري، والتأكيد على استمرار الدولة الإسلامية في العراق والشام، رافعاً شعار “باقية وتتمدد”، بعدها شنت فصائل المعارضة الإسلامية بالتحالف مع فصائل الجيش الحر هجوما على مقرات داعش، مستهدفين أمراءها وشرعييها بالقتل، وطرد بقية العناصر إلى خارج الشام.
تعلم العدناني على يد عدد من مشايخ التيار السلفي الجهادي المعروفين بتكفيرهم لبقية الفئات، ونزعتهم لاستخدام العنف في نشر الإسلام، ومن أبرزهم أبو أنس الشامي وأبو ميسرة الغريب وأبو بكر البغدادي؛ كما كان للعدناني العديد من المؤلفات ومن أهمها، متن الجهاد ومسائله، ومنظومة في فقه الجهاد والذي قام بنشره وهو في السجن على يد القوات الأمريكية، وعدد من المؤلفات الأخرى التي اعتمدت كمنهج لعناصر التنظيم في المعسكرات، كما اهتم بتدريس كتب حول قواعد الإيمان والكفر واللغة والنحو، وكتب العلوم الشرعية لأعضاء تنظيم القاعدة وتنظيم داعش بعد ذلك.
تدرج العدناني في عدد من المناصب حتى تعينيه متحدثاً رسمياً باسم التنظيم في عام 2013، ومن أهم تلك المناصب: مدرب في معسكر حديثة في العراق وأمير حديثة ومدرب في معسكر الجزيرة، وشرعي في القاطع الغربي في الأنبار، والمتحدث الرسمي لدولة العراق الإسلامية، والمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية في العراق والشام؛ واشتهر العدناني بأسلوب خطابة يركز على تحريض الجمهور والهام الحماس فيهم.
في السابع من يناير/كانون الثاني 2016، أقرّ الجيش العراقي بفشله في اغتيال أبو محمد العدناني، بعد استهدافه بغارة جوية في مدينة حديثة في محافظة الأنبار العراقية، ولكنه جُرح فيها، وانتقل إلى الموصل ليتلقى العلاج هناك٬ في الـ ٣٠ من آب ٢٠١٦ْ٬ أعلن تنظيم داعش عن مقتل العدناني بالقرب من مدينة الباب في ريف حلب الشرقي بغارة جوية تابعة للتحالف الدولي.