الرقة تذبح بصمت
قد يتبادر للذهن في الوهلة الأولى أنّ تعبير “داعش لاعب النرد الخفي”، يعبر عن دور داعش الخفي في القضاء على الثورة والثوار فالتنظيم استخدم ابشع الأساليب في القتل والذبح، فلا أحد منّا ينكر وحشية التنظيم في الإنتقام من “أهل السنّة” في الشمال السوريّ.
ولكن الأسلوب الأخطر هو دور التنظيم في “تهجير السنّة” في الشمال السوريّ، فمع احتلال التنظيم في بدايات عام ٢٠١٣ للمناطق السورية المحررة، وانتزاعها من أيدي الثوّار، دون قتال واضح الخريطة مع النظام السوري، سوى في المناطق الصحراوية المحتوية على النفط والغاز٬ ليتبع ذالك خسارات التنظيم المتكررة في الشمال السوري، وتسليمه المناطق العربية للمليشيات الكردية، الساعية للإنفصال ورسم خريطة جديدة للمنطقة.
فما إن قام داعش بتسليم تلّ أبيض أحد خطوط دفاعه وأهم المعابر الحدوديّة مع تركيا، بدأت حصونه ومعاقله تدكّ واحدة تلو الأخرى متساقطة كأحجار الدومينو عين العرب ومنبج ولعلّ الأخيرة جرابلس التي يضع فيها كافّة قوته على اعتبار أنّ من ينتزعها هذه المرّة هو الجيش الحرّ، فبمنظور داعش أنّ تسليمه لجرابلس هو إفشال المخطط الأميركي الداعم لإقامة كيان كردي في الشمال، وبالتالي يُعتبر فكّ ارتباط وثيقة تقسيم سوريا بينه وبين أميركا.
فبعد سيطرة تنظيم داعش على الشمال السوريّ، عمل على ترهيب الأهالي والتضييق عليهم بوسائل شتّى، محرّضاً على تهجيرهم إمّا بتضييق الخناق على معيشتهم أو من خلال تلفيق التّهم لهم رجالاً ونساءً على حدّ سواء، فقد قام بملئ السجون بالرجال بحجّة التعامل مع التحالف وإعطاء إحداثيات له بقصف منازل المسلمين، أو توجيه تهم الكفر والردّة لمن كان منتسباً للجيش الحرّ، أو تهمة السرقة وتقطيع أوصال أجسادهم، ولم تكن النسوة بمنأى عن هذه التهم، فتهمة عدم الالتزام باللّباس الشرعيّ هي من أبرز وأبسط ما يودي بأي فتاة وامرأة السجون والأقفاص والتعرّض للجلد والإهانة أو ما يوازها من أساليب العقوبة والتعذيب، كلّها اسباب دفعت ممّن لم تطالهم يد داعش بأن يلحقوا بركْب الفرار إلى خارج مناطق التنظيم خوفاً على أنفسهم من أي تهم تزجُّ بهم في غياهيب سجونهم، أو ساحات الإعدام، أو خشبة مسارحهم التي يكون فيها الضحيّة مرتدياً زيّ العِبرة للغير على منصاتها.
ألف سبب وسبب ليكون الشمال السوريّ ضحيّة التطهير العرقيّ من أبنائه لصالح الوحدات الكرديّة حيث نلاحظ تكشف الأجندة التي يسير عليها التنظيم متمثّلة بعدة مراحل ونذكر ما تجلّى منها :
المرحلة الأولى للتطهير: وهي موكلة لتنظيم داعش من خلال إفراغ المدن والبلدات من أبنائها من خلال تغييب قسم منهم في السجون، وتغييب قسم آخر عن الخليقة، ليكونوا محفّزاً لفرار قسم آخر خارج مناطق سيطرة التنظيم.
أمّا المرحلة الثانية : فهي مهمّة ميليشيا الوحدات الكرديّة وذلك بإعطاء إحداثيات خاطئة لطيران التحالف للقضاء على أكبر عدد من المدنيين من أبناء المناطق التي يسيطرون عليها، ممّا يدفع القسم المتبقي إلى الفرار بأرواحهم إلى مناطق أكثر أمناً.
أمّا المرحلة الثالثة : وهي الزجّ بشباب المناطق المسيطر عليها في صفوف الميليشيات الكرديّة أو تتم تصفيتهم في حال رفضهم، كلّ هذه المراحل عوامل متراكمة لتلويحٍ أوروبيّ خادع بالهجرة إليها لإفراغ الشمال السوريّ من أهله.
أخيراً وليس آخراً ، هل سيتمّ إدراج الخطّة “ج” قريباً والتي تتمثّل بتصفية تنظيم داعش وإعلان روجافا. ؟