خاص – الرقة تذبح بصمت
لا يختلف وضع الرقّة الصحّيّ عن وضعها الأمنيّ في ظلّ تنظيم داعش الذي عمل ولا يزال على التضييق على القطاع الصحيّ٬ خاصّة المنظمات الطبيّة إذ عمل على وقف نشاطاتها في المدينة مع بداية إحكام قبضته عليها ممّا أدى إلى انتشار بعض الأوبئة والأمراض على رغم إظهار إعلام التنظيم عكس ذلك.
وتعتبر منظمة مكافحة اللّشمانيا من آخر المنظمات التي عمل داعش على إيقاف عملها في الرقة، والتي عملت على توزيع الأدوية المطلوبة لعلاج اللشمانيا “حبة حلب”٬ والقيام بحملات توعوية ووقائية للحد من انتشار الحشرة المسببة للوباء٬ أحد العاملين فيها صرح لمراسل حملة “الرقة تذبح بصمت”: “مع بداية انتشار اللّشمانيا سمح التنظيم للمنظمات الطبية بالعمل في الرقّة وريفها، لكن بعد مضي عدّة أشهر صدر أمر من والي الرقة (أبو لقمان) طالباً منا التوقف حتّى إشعار آخر، دون معرفة الأسباب، مع العلم أنّه مرّ أكثر من عام على إيقاف الحملة” وتابع قائلاً: “أنّ التنظيم عمل على منع وملاحقة أعضاء المنظمات الطبيّة، ومصادرة التجهيزات والمعدّات٬ بحجة الردة والعمالة”.
ويؤكّد الكثير من أهالي الرقّة الفارّين من بطش التنظيم أنّ كلّ ما يبثه التنظيم بشأن الوضع الصحيّ، والاهتمام بالمراكز الطبية، ماهو إلّا هدف لإبراز صورة حسنة تعمل على استقطاب المدنيين، وبحسب أحد العاملين في القطاع الصحي في الرقة٬ أنّ جميع الأجهزة في المشافي أصبحت ضمن تصنيف (الخردة) إلّا القليل، وذلك بسبب تعرّضها للقصف، وعدم صيانتها أو استحضار أجهزة جديدة عوضاً عن التالفة.
ولم يكتفِ التنظيم بكلّ ذلك التضييق والإهمال لوضع الرقّة الصحيّ، بل عمد على ملاحقة العاملين في القطاع الصحيّ، وخاصّة الأطباء الذين ألزمهم بالإقامة الجبريّة، وأرسل تحذيرات إلى كلّ من غادر المدينة أنّه سيتمّ مصادرة ممتلكاتهم، وهدر دمائهم بحالّ عدم الاستجابة، وبحسب أحد الأطباء المقيمين حالياً في تركيا, قال:”كنا نتعرض للمضايقات من قبل عناصر التنظيم بحكم اختصاصي كطبيب نسائية، الأمر الذي اضطرني للخروج من الرقّة باتجاه تركيا، وبعد خروجي بعدة أيام تمت مصادرة منزلي والعيادة الخاصة بي من قبل التنظيم”.
كما منع داعش سكّان الرقّة ممّن هم بحاجة لعلاج في الخارج من مغادرتها، إلّا في الحالات الحرجة وخاصّة مرضى السرطان.
أمّا من الناحية الدوائيّة فإنّ المدينة تعاني من نقصّ حادّ في الأدوية إذ كانت تعتمد الرقّة بعد تحريرها من قوات النظام على استحضار الأدوية من تركيا بعد توقّف العديد من معامل الأدوية في سوريا، لكنّ التنظيم اليوم يعمل على احتكار سوق الأدوية وبيعها بأسعار مرتفعة، نتيجة لندرتها.
ويُذكر أنّ الكثير من المرافق الطبيّة في مدينة الرقّة تعرّضت للقصف من قبل النظام، وأبرزها المشفى الوطنيّ التي خرجت في الآونة الأخيرة عن الخدمة بشكلّ كليّ، كما أنّ التضييق على الأطباء والعاملين في القطاع الصحيّ، دفع بهم للهجرة خارج المدينة إمّا لمناطق سيطرة النظام أو تركيا أو أوروبا، ممّا دفع داعش لاستحضار ذوي الخبرات القليلة في المجال الطبيّ والاستعانة بهم، والعمل على تدريب بعض مقاتليه من خلال افتتاحه لكليّة الطبّ التي تفتقر إلى المعدات الطبيّة اللّازمة وندرة الخبرات البشريّة، تاركين المدينة ترزح في نفقٍ من الألم والامراض.