الرقة تذبح بصمت
تقترب معركة ” تحرير منبج ” من شهرها الثاني، المعركة التي بدأت في الرابع والعشرين من أيار/مايو الفائت واستطاعت فيها ” قوات سورية الديمقراطية” المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بالاستيلاء على ريف منبج وبعض المناطق داخل المدينة وأطبقت الحصار عليها من الجهات الأربعة دون إحراز هذه القوات ومن ورائها المستشارين العسكريين الغربيين النصر النهائي والحاسم على تنظيم داعش فيها.
مدينة منبج التي يقطنها بحسب بعض التقديرات قُرابة مئتي ألف مدني يعانون من حصار خانق ومن انقطاع معظم الخدمات الرئيسية فيها ( ماء ـ كهرباء ـ خبز ـ خضارـ محروقات ) وعدم وجود طرق آمنة يستطيع من خلالها المدنيون الهروب والنجاة بأرواحهم، حيث يستفيد عناصر داعش من وجود المدنيين فيها واستخدامهم كدروع بشرية يعملون من خلالها على تأخير تقدّم القوات التي تحاصر المدينة وتقطع كل طرق الإمداد عن عناصره المتواجدين هناك. وبالطبع ليس انقطاع الظروف الحياتية هو الخطر الوحيد الذي يواجه حياة المدنيين هناك، بل إنّ الغارات الجوية التي تشّنها مقاتلات التحالف الدولي تصيب المدنيين في الكثير من الأحيان، كما حصل يوم الأثنين 18 من تموز/يوليو الجاري حيث استشهد أكثر من 15 مدنياً في قصف على أطراف حي الحزاونة الشمالية في مدينة منبج وستة آخرين في قصف على قرية التوخار في الريف الشمالي للمدينة.
كما شنّت طائرات التحالف اليوم 19 من تموز/يوليو أكثر من غارة على قرية التوخار ارتقى على إثرها اكثر من 80 شهيداً مدنياً، وارتقاء اكثر من 10 شهداء داخل مدينة منبج.
بالطبع اُستؤنفت هذه العمليات بعد توقف العمليات العسكرية التي تنطلق عادةً من قاعدة انجرليك التركية، القاعدة التي توقفت عن العمل بسبب الانقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته تركيا يوم الجمعة الفائت والذي أدى إلى اعتقال قائد القاعدة الجنرال” بكير أرجان فان” في مدينة أضنة التركية يوم الأحد الماضي، واللافت أنّ ما يطلق عليه “قوة المهام المشتركة – عملية الحل المتأصل ” وهي بحسب ويكيبيديا ( هي قوة مهام مشتركة أُنشئت من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). شكّلتها القيادة المركزية الأمريكية في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2014، وقد تم انعقاد أول مؤتمر لهذا التحالف في الأسبوع الأول من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 2014. تمت تسمية العمليات بهذا الاسم من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، وتتألف من القوات العسكرية الأمريكية وأفراد من أكثر من 30 بلدًا)
قوات المهام المشتركة في إحصائية لها عن مجمل العمليات والغارات ضد داعش في سورية والعراق استخدمت اسم ” التحالف العربي السوري ” بدلاً اسم القوات المهاجمة والتي يعرف الجميع إنّها ” قوات سوريا الديمقراطية” والتي تسيطر عليها وحدات الحماية الشعبية/ الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، حيث نوّهت إلى أنّ هذه القوات ــــ أي التحالف العربي السوري ــ تقدّمت باتجاه وسط مدينة منبج مانعة ً داعش من الوصول إلى نقاط إمداد هامة وحيوية ومستفيدةً من الضربات الجويّة التي دمرت 72 موقع قتالي في مدينة منبج.
قبل الانقلاب العسكري التركي الفاشل، كانت إدارة أردوغان تُرمَّم علاقاتها الدولية وتقوم بخطوات تطبيعيّة مع روسيا التي أسقطت طائرة لها في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وبالطبع كانت الحكومة التركية الجديدة برئاسة بن علي يلدريم تعود للسياسة المعروفة بتصفير المشاكل تنحو لإعادة العلاقات المقطوعة مع إسرائيل وهذا ما يساعدها في تحسين وضعها المأزوم مع القوتين العظمتين الولايات المتحدة وروسيا، وتسعى لإيقاف زحف غريمها حزب الاتحاد الديمقراطي / النسخة السوريّة من حزب العمال الكردستاني. معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى كان نشر في الثالث عشر من تموز/ يوليو الجاري مقالة بعنوان : “هل سيقرّب «حزب العمال الكردستاني» وتنظيم «الدولة الإسلامية» المسافة بين تركيا وروسيا؟ للباحثين أندرو جيه. تابلر و سونر چاغاپتاي، المقال ناقش فرضية سيناريو لتدخل تركي محتمل ضد داعش في منبج للتشويش على إكمال مهمة حزب الاتحاد الديمقراطي في مهمته الاستراتيجية القاضية بربط الكانتونات الثلاث ( الجزيرة ــ كوباني ـ عفرين )، الباحثان يطرحان هذا السيناريو كمايلي: (( المشكلة الكامنة في هذا السيناريو هي أن تركيا لا تستطيع فعلياً إرسال الجنود إلى سوريا من دون موافقة روسيا، خاصةً بسبب حادثة إسقاط الطائرة في تشرين الثاني/نوفمبر، والتي أعقبها إعلان موسكو أن شمال سوريا هي منطقة حظر جوي بحكم الواقع. وسبق أن أنشأت روسيا مكان دفاع جوي في هذه المنطقة، مشيرةً إلى أنها مستعدة لقصف أي طائرة تركية أو قوات برية تدخل شمال غرب سوريا. قد يكون بوتين قد فهم رسالة أردوغان الأخيرة على أنها تمهيد للتعاون التركي الروسي في سوريا. لكن سيتطلب المزيد إذا كان على موسكو أن تسمح لتركيا بدخول ممر أعزاز-جرابلس وإيقاف دعمها لـ «حزب الاتحاد الديمقراطي» – ومن المرجح جداً أن يتعيّن على أنقرة الموافقة أولاً على تخفيف دعمها الخاص للثوار المناهضين للأسد الذين يحاربون في محافظتي حلب وإدلب. ومن جانبها، سترحّب الولايات المتحدة بتحسين العلاقات بين بوتين وأردوغان. ومثل هذا التطور سيساعد الحملة الشاملة ضد تنظيم « داعش »، كما سيسهّل المفاوضات السياسية الجارية حالياً بين نظام الأسد والمعارضة )).
فهل يعتبر تغيير التسميّات التي ذكرتها قوة المهام المشتركة مقدمة لتعاون تركي ــ أمريكي في الحرب ضد داعش وتهميش الدور الكردي المتمثّل بـ “وحدات حماية الشعب” أمّ إنّ المصالحة الروسية ــ التركية الأخيرة ومفاعيل الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا سيكون له تطورات وتأثيرات على أرض المعركة في منبج وغيرها ؟؟