خاص – الرقة تذبح بصمت
العراق في مهب الريح، ومحاسبة الخونة قبل المحتل، ومنبج معارك استنزاف تدمرها ، وإماطة اللثام عن خوارج الزمان، وأبو تراب يكشف سراً معروف للجميع، والنظام يلاحق الهاربين من شره.
تحليل لهذه الأخبار وغيرها تجدونها في “قراءة في أحداث الأسبوع“
العراق في مهب الريح
تنظيم داعش يفجر سوقاً شعبياً في الكرادة، ومرقداً شيعياً في بلد بمحافظة صلاح الدين شمال بغداد، وأعلنت وزارة الصحة العراقية أن عدد ضحايا التفجير الأول وصل 292، في حين تذكر الأرقام الأولية 30 قتيلاً في التفجير الثاني.
يحمل التفجيران دلالات كبيرة تبين مقدار الوضع المأساوي الذي وصل له العراق، فالوطن العراقي يعاني من شرخ وطني يهدد بنسف الوطن العراقي، وإبادة أبنائه جميعاً سنة وشيعة.
فلم يثبت تفجير الكرادة فشل المنظومة الأمنية في حماية المواطنين وفساد المنظومة السياسية والأمنية العراقية فحسب إنما أثبت استحالة القضاء على داعش بهذه الطريقة، ونخالف هنا السيد حيدر العبادي الذي زعم أن التفجير جاء رداً على انتصار الجيش العراقي في الفلوجة، وتعبيراً عن إفلاس داعش.
فالعبادي يجافي الحقيقة لأن نصر الفلوجة المزعوم لم يكن ليتم لولا طيران التحالف، والنصر الحقيقي للحكومة والعراق يتم عند عودة أهل الفلوجة، ومحاسبة الذين انتهكوا كرامة العراقيين من أبناء الفلوجة.
وبالعودة للكرادة فإن التفجير أثبت أن الصراع مع داعش لا يتعلق بالجغرافيا وحدها إنما يتعلق بالفكر والسياسة، فالفكر الداعشي الأسود نما وترعرع في ظل السياسات الطائفية للحكومة العراقية، ومن هنا نزعم أن النصر الجغرافي في الفلوجة على داعش حقق مكاسب أكبر للتطرف من تلك المكاسب الجغرافية نتيجة الممارسات الطائفية لميليشيا الحشد.
يجب على الساسة العراقيين الانحياز للخيار الوطني العراقي لا الخيار الإيراني الفارسي والداعشي الذي يجر العراق نحو مزيد من الدمار.
وتفجير المرقد يأتي تغذية للصراع العراقي العراقي، فداعش يعلم يقيناً أنّ بقاءه مرهون لحد كبير بانتهاء الفكر الإقصائي نفسه لدى الطرف الآخر، فيعمل جاهداً على إذكاء هذا الصراع، وبالتالي يجب على الوطنيين العراقيين سنة وشيعة الثورة على الدواعش في الطرفين، وبناء الوطن العراقي لا الولاية الإيرانية.
محاسبة الخونة قبل المحتل
تقرير تشيلكوت يبين أن حرب العراق 2003 بنيت على معلومات خاطئة.
لم يأتِ تقرير اللجنة بشيء جديد، فالقاصي والداني يعرف أن احتلال العراق تمّ بموجب كذبة كبرى، ونأت هنا لتداعيات هذه الكذبة التي سلمت العراق بعد الاحتلال الأمريكي لاحتلال فارسي بغيض زرع الفتنة الطائفية والتفرقة بين أبناء العراق، وفرّخ نتيجة ذلك أخطر تنظيم إرهابي متطرف (داعش) فقد سُلِمَ العراق على طبق من ذهب لإيرانً، ولم يكن ذلك بغفلة من العرب كما يحاول القومجيون ترويجه، بل كانت عملية مدروسة من أمريكا لمنع قيام عراق عربي ديمقراطي.
وما يثير الغرابة ردود فعل القومجيين العرب، ومطالباتهم الحكومة العراقية بمحاكمة بوش وبلير كمجرمي حرب، ويتعامى هؤلاء القومجية عن حقيقة أن هذه الحكومة العراقية مولود شرعي لذلك الاحتلال، فكيف للعبد أن يعترض سيده؟! بل كيف لمن جاء على الدبابة الأمريكية واستلم الحكم أن يعترض على الاحتلال.
ينبغي محاسبة العراقيين الذين دمروا العراق قبل محاسبة بلير وبوش، ينبغي معالجة نتائج الاحتلال الأمريكي المتمثلة بـ (الاحتلال الإيراني، داعش) فما زال العراق يحصد نتائج ذلك موتاً وتدميراً.
هذه أخلاقهم، وهذا عملهم
قُتِلت فتاة في حي السريان الخاضع لسيطرة النظام في حلب على يد شبيح أطلق عليها النار بعد محاولته سرقتها.
يعاني أهالي حلب الخاضعة لمناطق النظام الأمَرَّين، فهم إن سَلِموا من صواريخ النظام وبراميله فإنهم لم يسلموا من آلته التشبيحية الأمنية.
يُذكَر هنا أن حلب الخاضعة لسيطرة النظام تحولت لدولة مافيات يتقاسمها الشبيحة ولكل منهم قطاع يتصرف فيه كحاكم مطلق دون أن يكون لأي سلطة حق ملاحقته ومحاسبته حتى لو كانت أمنية.
وليست حادثة فتاة السريان يتيمة إذ تتكرر هذه الحوادث، فقد قام شبيحة بخلع وفتح محلات في شارع التلل المعروف وسرقة محتوياتها، ولم يجرؤ الأمن على التدخل رغم معرفته.
الجدير ذكره أن الأمن لا يجرؤ على محاسبة هؤلاء الشبيحة يرابطون على جبهات حلب المدينة فلم يعد لدى النظام جيش حقيقي سوى الشبيحة والميليشيات الطائفية، ويقتات الشبيحة من خلال سلب المواطنين ونهبهم.
ويتساءل الحلبيون بحسرة: كيف ستنجح دولة تقودها مافيا، ويحميها شبيحة؟!
منبج معارك استنزاف تدمرها
داعش يسيطر على معمل الزعتر على طريق منبج جرابلس بالقرب من قرية عون الدادات، رغم الدعم الجوي المُقدم من التحالف لقسد فإنها لم تستطع التقدم في مدينة منبج، وما زالت المعارك تأخذ طابع الكر والفر، ويخشى الأهالي أن يدخل الطرفان في معركة استنزاف طويلة الأمد تؤدي لتدمير المدينة، ويكون المدنيون ضحيتها، وبدأ المدنيون حقيقة يدفعون الثمن، بدءاً من الدمار والنزوح مروراً بالغلاء ونقص المواد الغذائية وليس انتهاء بعمليات القتل والقنص، وتزداد معاناة الأهالي لأنهم في غالبيتهم لايرجون خيراً من نهاية المعارك فانتصار أي طرف (داعش، قسد) سواءٌ عند الأهالي لأنه لا يحقق مطالبهم المشروعة.
وتشير الأخبار من داخل منبج عدم نيّة داعش تسليم المدينة بسهولة، وبالوقت عينه لا تستطيع قسد التراجع، وبدأت بوادر تدمير المدينة واضحة فقسد تتقدم بعد التمهيد الجوي، وداعش تستعيد ما خسرته بعد تفجير المفخخات، والأهالي يعانون الشر وينتظرون انتصار أحد الشرين.
إماطة اللثام عن خوارج الزمان في مدينة سيد الأنام
فجر داعشي (نائر النجيدي) يرتدي حزاماً ناسفاً نفسه برجال أمن قرب موقف للسيارات عند الحرم النبوي الشريف مما أوقع أربعة عناصر شهداء، وتزامن ذلك مع تفجير ثلاثة آخرين أنفسهم في القطيف دون وقوع ضحايا.
لم يعد يشك عاقل أنّ داعش يمثل خوارج الزمان، كما لم يعد يخفى على أحد شرهم المستطير بعد أن تجاوزوا حرمة المال والدم والدين.
عزف داعش كثيراً على وتر المظلومية ليستعطف المسلمين، واستثمر سياسات بشار والمالكي الطائفية ليصنع طائفية حاقدة مماثلة لهما، فغرر بالشباب المتحمس وغسل عقولهم بماء الحقد والكراهية، ولقنهم نصوصاً دينية فسرها وفق أهوائه حتى بات الداعشي يقتل أباه وأمه المسلمين بدعوى الولاء والبراء، وبات يفجر جوار خير الخلق بدعوى مقارعة الطاغوت، أفكار مسمومة زرعت في عقول الشباب أنتجت هذا الانحراف، وستنتج ما هو أخطر إذا لم نعمل جاهدين على سحب الذرائع من يد الدواعش.
وعالج خادم الحرمين في كلمته جانباً من المشكلة حول ضرورة تحصين الشباب، ويبقى الجانب السياسي، ورغم أنه خارج حدود المملكة(العراق، سورية) فإنه يحتاج لحل، فستذهب كل الجهود عبثاً ما لم تحل المشكلتين العراقية والسورية، فداعش عابر للحدود وسيستمر بالعزف على المظلومية واستثمار الطائفية وسيجد من يعتنق فكره ما دام الظلم قائماً والطائفية تتحكم.
حزب الله لن يستطيع الاستمرار بدفع الفاتورة
جيش الإسلام يتصدى لقوات النظام في ميدعا ويدمر أربع دبابات، وجبهة النصرة تعرض 14 أسيراً لحزب الله وقوات النظام، بعد السيطرة على حاجز الصفا الاستراتيجي بين منطقتي رنكوس ووادي بردى في القلمون حيث جرت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة استولى الثوار فيها على مدرعتين ومدافع ثقيلة وأسلحة متوسطة.
مع إعلان النظام الهدنة قام بعمليات عسكرية كبيرة في ريف دمشق وحلب لكن الثوار كانوا له بالمرصاد فكانت خسائره مع ميليشياته كبيرة جداً، وكذّبَ حزبُ الله رواية النصرة لتكشف الصورُ أن إعلام الحزب كاذب.
ولا تظهر المعارك عجز النظام وحسب بل عجز الميليشيات وإفلاسها، فالجميع كان يسلم بأخبار إعلام حزب الله وزعيمه حسن نصر الله عندما كان يقاوم الإسرائيليين، لكنه الآن فقد كل المبررات عندما وقف بوجه شعب يطلب حريته، ولمّا لم يعد يجد مبرراً لقتلاه بدأ بالنفي.
يتوهم قادة الحزب عندما يعتقدون أنهم سيحسمون المعركة في سورية لصالحهم فهذه ثورة شعب، ومحال أن تنتصر ميليشيا حاقدة على شعب.
النظام السوري يلاحق الهاربين من شرّه
رَحَّلَت السلطاتُ التركيّة سوريّاً (إيهاب الأطرش) أُلقي القبض عليه في اسطنبول، ويعمل المذكور لصالح النظام السوري، واتخذت السلطات التركية قرار الترحيل بعد مراقبة تحركاته، معلنة إياه بعد ذلك “شخصاً غير مرغوب فيه”، وذكرت صحيفة صباح التركية من معلومات حصلت عليها أن المذكور كان يجمع معلومات عن السوريين ولا سيما المعارضين.
رغم الدمار وعمليات التهجير التي تسبب بها النظام السوري للسوريين فإنه لم ينس مراقبة أولئك الهاربين من شرّه.
تُذَكِرُ هذه الحادثة السوريين ولاسيما المغتربين بطبيعة النظام العفنة التي زرعت الخوف في قلوب السوريين، وجعلت الشك القاعدة الرئيسة التي يتعامل من خلالها السوريون فيما بينهم.
فيذكر المغتربون الذين يبعدون آلاف الكيلومترات كيف أوقفتهم الأجهزة الأمنية عند المعابر والمطارات أثناء العودة لسورية لكلمة تكلموا بها، أو مجلساً حضروه يضم معارضين.
هذه العقلية الأمنية دمرت الإنسان السوري من الداخل، وجعلته إنساناً أنانياً مغلقاً يميل للعزلة، وقضت على العمل الجماعي والتعاون والغيرية التي تعتبر مهمة لأي نهضة حقيقية.
أبو تراب يكشف سراً يعرفه الجميع
الداعشي أبو تراب أحد المعتقلين الذين اعتقلتهم السلطات الكويتية وكانوا يعدون لعمليات إرهابية في الكويت كشف عن وجود علاقات وثيقة بين داعش من جهة والنظام السوري والمخابرات الإيرانية من جهة ثانية.
لم يكشف أبو تراب حقيقة شيئاً جديداً فالسوريون وكل أجهزة المخابرات تعلم حقيقة العلاقات الوثيقة بين مخابرات النظام وأمراء التنظيم سواء من خلال حوادث معينة أو من خلال النهج العام لعصابات البغدادي.
فداعش في نسخته السورية كله فوائد للنظام السوري، ونقتصر على ذكر ثلاث فوائد من عشرات الفوائد التي حققها داعش للنظام السوري:
الفائدة الأولى تتمثل بتمزيق صفوف الثوار، وخرق الثورة السورية من الداخل، إذ لاحقت داعش القادة والإعلاميين وكل من له صلة بالثورة بالسجن والقتل والتهجير.
والفائدة الثانية تتمثل بتبريد الجبهات مع النظام وتسخينها مع الثوار بل وصل الأمر لمساعدة النظام بشكل غير مباشر لمعاركه ضد الثوار وتشهد جبهات القلمون وريف حلب الشمالي على ذلك.
والفائدة الثالثة تتمثل بتوريد النفط والقمح للنظام، ومهاجمة مناطق الثوار بالمقابل بمئات المفخخات.
لقد قدمت داعش خدمات جليلة للنظام، وشوهت الثورة السورية وحرفتها عن مسارها، والعاقل من ينظر للممارسات والنتائج لا الادعاءات والأكاذيب، فالنظام ادعى عقوداً حربه لإسرائيل لكن الواقع خلاف ذلك.
وجهان لعملة واحدة
النظام السوري يقتل ثلاثة مدنيين وعشرات الجرحى أثناء خروجهم من صلاة العيد في حي المشهد، وداعش يقصف مارع أثناء صلاة العيد.
يأبى داعش والنظام إلا أن يقدما القواسم المشتركة، فيدل هذا القصف على الاستهتار بدماء المسلمين الأبرياء حيث القصف العشوائي الذي يهدف للقتل من أجل القتل، وعلى إرهاب المسلمين الأبرياء، ويشتركان بتجردهما من أي حس أخلاقي أو إنساني فلا مراعاة لعيد، ولفرحة الأطفال مهما كان آباؤهم، أما انحطاطهم الديني فيتمثل باستهداف دور العبادة والأماكن المقدسة سواء المسجد في المشهد أو المدينة المنورة في السعودية، ومن يتتبع المشتركات بين النظام والتنظيم يؤلف مجلدات في ذلك.
النظام يسعى جاهداً لحصار حلب المحررة
الميليشيات الطائفية تسيطر على منطقة الملاح والثوار يستعيدون بعض النقاط.
مع إعلان النظام من جانب واحدة هدنة72 ساعة فترة عيد الفطر قامت ميليشياته بمؤازرة الطيران الروسي والنظامي بعملية عسكرية هي الأضخم على منطقة الملاح لقطع طريق الكاستيلو الشريان الوحيد لحلب المحررة، وفعلاً تمكنت هذه الميليشيات من السيطرة على الملاح وقطعوا هذا الشريان لتهب الفصائل، ويشن الثوار هجوماً معاكساً مكنهم من استعادة أغلب النقاط لكن الطريق -للأسف- ما زال مرصوداً نارياً.
وبالعودة لبداية الخبر يتضح أن النظام لا عهد له ولا ذمة، فالهدنة أعلنها لتحقيق مكاسب سياسية ولتبريد الجبهات الأخرى وتخدير الثوار، فهو أعد العدة مسبقاً لهذا العمل العسكري الكبير.
ويتضح تآمر الروس معه، فلولا الطيران الروسي لما تقدم شبراً واحداً، وهنا يطرح السوريون المكلومون سؤالاً لأصدقائهم: ماذا قدمتم لنا سوى بقائكم متفرجين على ذبحنا. ففي الوقت الذي يرسل حلفاء النظام الرجال على الأرض والطيران في الجو لحصار حلب، ويقف من يزعمون أنهم أصدقاء ليتحدثوا عن حل سياسي وشتان بين الفعلين، ويشعر أهل حلب المحررة خاصة أن أردوغان باعهم بثمن بخس جداً.
وتزامنت عملية حصار حلب مع عمليات أخرى لا تقل خبثاً لشحن أهالي حلب ضد إخوتهم في المناطق المحررة فأطلق النظام صواريخ سببت مجازر في الفرقان وقرب المدينة الجامعية، ويعرف من له أدنى خبرة أن النظام هو من أطلق هذه الصواريخ سواء من حيث النوعية ومن حيث اتجاهها أو من حيث الهدف، فالثوار لديهم ما يشغلهم.
وفي حال تم محاصرة حلب فإنها لن تكون حمص ثانية، فللثوار بدائل أخرى كفتح طريق مع الريف الجنوبي وبذلك يقلبون الطاولة على النظام، ويحتاج لذلك لقوة مادية وعسكرية وبشرية.
ويخشى أهالي حلب المحررة أن يكون قرار الحصار أحد الأثمان التي دفعها الأتراك للروس للتوصل لاتفاق.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.