الرقة تذبح بصمت
نقلت صحف ومواقع إخبارية عن مسؤولين أمنيين ودوليين, أنّ المسؤول عن تفجيرات مطار أتاتورك الأخيرة، مجموعة من أتباع تنظيم “داعش، ينحدر عناصرها من الشيشان وجورجيا، اللتان شكّلتا سابقاً جزءاً من الاتحاد السوفييتي, فيما أفادت وسائل الإعلام التركية بأن أحمد شاتاييف وهو شيشاني الأصل، يعدّ العقل المدبر لهذه التفجيرات.
ويتبوأ المقاتلون القادمون من دول الاتحاد السوفييتي السابق مناصب عدة في التنظيم، من أهمهم طرخان باتيراشفيلي الملقب بـ”عمر الشيشاني”, والذي قتل قبل أشهر عدة في قصف لطيران التحالف الدولي على منطقة الشدادي في ريف الحسكة.
وكان الشيشاني قد عمل على تدريب مجموعات من مقاتلي التنظيم ممن أوكل إليهم تنفيذ عمليات انتحارية على جبهات سوريا والدول الإقليمية المحيطة بها وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، إذ كشفت التحقيقات أن المسؤولَين عن تفجير ماراثون بوسطن سنة ٢٠١٣ هما شابين من أصول شيشانية، كانا قد بايعا التنظيم سابقاً.
ويقدر عدد المقاتلين المخرطين في صفوف التنظيم والمنحدرين من دول الاتحاد السوفيتي السابق بنحو ٢٨٠٠، أي ما يعادل نسبة ٢٨٪ من مجموع عناصره الأجانب, كما يصدر التنظيم مجلة “دابق” بعدة لغات بينها الشيشانية والروسية لاستهداف مناصريه حول العالم, في وقت يبث فيه العديد من البرامج باللغتين الروسية والشيشانية عبر إذاعة “البيان” الخاصة به, ما يشير إلى أهمية دول الاتحاد السوفييتي والمتحدثين بلغتها كقاعدة عسكرية أساسية للتنظيم.
وبحسب تصريح أحد وزراء الشيشان، فإنّ حكومة بلاده جنّدت عدداً من المقاتلين الروس والشيشان في صفوف التنظيم واستخدمتهم جواسيس لها, في حين أعدم الأخير المدعو “محمد خاسسيف” بتهمة التجسس لصالح المخابرات الروسية, وهو ما نفاه الرئيس الشيشاني رمضان قادروف.
ويعتبر دخول “جهاديي القوقاز” ساحة القتال في سوريا, نقطة تحول جوهرية في نشاط تنظيم “داعش”, إذ ينتمي هؤلاء المقاتلون في الغالب للجمهوريات الإسلامية التي تسيطر عليها روسيا مثل الشيشان، داغستان، أنجوشيا، وقبردينو بلقاريا، إلى جانب بعض جمهوريات آسيا الوسطى مثل أذربيجان، قيرغيزستان، أوزبكستان وطاجيكستان.
ويتسم هؤلاء المقاتلون بعدة خصائص تميزهم عن بقية كوادر ومقاتلي التنظيم, كالكفاءة القتالية التي اكتسبوها خلال الحروب المتتالية ضد الجيش الروسي، فيما استمدت بعض القيادات القوقازية خبراتها من خدمتها العسكرية في صفوف الجيش الروسي أو جيوش الجمهوريات القوقازية، على غرار جولمورود هاليموف الذي خدم في صفوف القوات الخاصة في طاجيكستان.
ويتّسم هؤلاء أيضاً بالوحشية المفرطة, حيث نفذ عدد منهم، تحت قيادة الشيشاني، عمليات إعدام وصفت بالوحشية في قرية الشعيطات بريف دير الزور، فضلاً عن تميّزهم بالنزعة القيادية إذ شغل أبو عمر الشيشاني قيادة العمليات العسكرية لـ”داعش” في سوريا قبل مقتله، كما تولى أمير مسلم أبو الوليد قيادة تنظيم “جند الشام”، ويقود سيف الله الشيشاني تنظيم “مجاهدو القوقاز والشام”، أما تنظيم “جيش المهاجرين والأنصار” فيتولى قيادته صلاح الدين الشيشاني، إضافة إلى أحمد شاتاييف الذي يقود “كتيبة اليرموك” في سوريا.
ويعتمد القوقازيون على خبراتهم العسكرية وتقدمهم في شغل المواقع القيادية على المستوى الميداني، كما منحهم تشكيل التكتلات ضمن التنظيم القوة والنفوذ, حيث تتضمن صفوف الأخير حوالي أربع تشكيلات أساسية, غالبية عناصرها من الناطقين بالروسية.
ويتوقع أن يتصاعد استهداف التنظيمات الملتحقة بـ”داعش” في الجوار الروسي لأهداف مدنية غير عسكرية، بالتزامن مع تصاعد وتيرة العنف والوحشية في عملياتها بهدف محاكاة نهج تنظيم “داعش” في صناعة صورة مرعبة للأخير بهدف تحقيق انتصار حاسم في الحرب النفسية ضد الخصوم.