الرقة تذبح بصمت
سعى تنظيم داعش منذ نشأته إلى حضّ المدنيين على الانخراط في صفوفه، لتشكّل غارات التحالف الدولي التي استهدفت مواقعه حجة أقوى استخدمها في تحفيز أنصاره، مقنعاً إياهم بأن العالم يحاربه خوفاً من انتشار الإسلام والخلافة الإسلامية، ليستجلب بأفعاله وفكره، أعداءً من كل أصقاع الأرض، في مقدمتهم المدنيون القابعون تحت سلطته.
استخدم التنظيم معركته ضد المليشيات الكردية في عين العرب لتجنيد أكبر عدد ممكن من المدنيين، فأطلق عليها اسم “غزوة الأنصار”، في دلالة إلى أنّها تخصّ أنصار التنظيم من مدنيي الرقة وريف حلب، فعمل على زج أبناء العشائر العربية والاكراد الموالين له في معركته وفرض على كل عشيرة تقديم عدد من الشبان وكمّ من السلاح لتذخيرهم، كما استخدم ماكينته الدعوية لتأمين المقاتلين وحضهم على القتال، إلا أنّ أكبر خساراته كانت في صفوفه الأولى وبين أنصاره حديثي العهد في القتال، لصالح المليشيات الكردية مدعومة بسلاح الجو التابع للتحالف الدولي.
وكان هدف التنظيم الأساسي من هذه المعركة هو تعميق الشرخ وحالة الكراهية بين العرب والأكراد، فصوّر الأكراد على أنّهم يحاربون الإسلام وبأنهم سيقومون بانتهاكات ممنهجة ضد العرب في حال دخولهم إلى مناطقهم، الأمر الذي عززته مليشيات وحدات الحماية الشعبية من خلال ممارساتها وقراراتها عقب سيطرتها على قرى ومدن شمال الرقة، من تهجير وانتهاكات بحق العرب والتركمان وحتى الاكراد، إلى إعلان الفيدرالية ومصادرة أراضي العرب ومنع عودة النازحين منهم.
وبعد إرسال الولايات المتحدة الأمريكية بضع مئات من جنودها إلى شمال الرقة وإنشائها مركزي عمليات، الأول يعتبر معسكراً للتدريب ومركز لقيادة المعارك في مقر اللواء ٩٣ في مدينة عين عيسى، والثاني في معمل لافارج جنوب عين العرب قرب خراب عشك والذي بات مركز تدريب لقواتYPG ومهبط للطيران العمودي في المنطقة، إضافة إلى الوجود الواضح للجنود الأميركيين على جبهات القتال ضد التنظيم، وهو ما دفع الأخير لبدء عملية تجنيد واسعة من خلال منابر الجوامع والدورات الشرعية المفروضة على المدنيين، بحجة اقتراب معركة دابق الموعودة، وأنّ المعركة اليوم باتت بين التنظيم و”التحالف الصليبي”، بهدف إقناع هؤلاء بالانخراط في صفوفه.