الرقة تذبح بصمت
لبتاني هو : أبو عبد الله محمد بن جابر بن سنان الرقي الحراني ، والمعروف بـ”البتاني”، ولد حوالي سنة 244 للهجرة (858م) في (بتان) من نواحي (حران) الواقعة على ضفاف نهر ( البليخ)، تلقى تعليمه في طفولته على يد والده (جابر بن سنان) الذي كان عالماً معروفاً وذا دراية واسعة بعلم الفلك والنجوم، وصانعاً للأدوات في ذلك الزمان، عاش البتاني حياته في مدينة الرقة حيث تلقى معظم علمه وأقام معظم حياته، له العديد من المؤلفات أهمها كتابه الشهير (الزيج الصابئ) ، إضافة إلى مجموعة من المؤلفات الأخرى مثل: كتاب (معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك) ، و (رسالة في مقدار الاتصالات) و كتاب (شرح أربع مقالات لبطليموس) ، وكتاب (تعديل الكواكب) وغيرها. توفي البتاني عام 317 للهجرة (929م) خلال عودته من بغداد إلى الرقة , وله في الرقة تمثال يخلد ذكرة هذا العالم الجليل ودوار سمي باسمه لكن تنظيم داعش المتطرف عمل على تهديم التمثال اوائل العالم 2014 .
يجمع علماء الفلك ان البتاني احدث تحولات مهمة في عالم الفلك قبل حوالي 1200 عام، وكان ذلك سبباً بتسميته (بطليموس العرب)، وله العديد من المؤلفات والكتب التي يدرس بعض منها في اوروبا كما انه قام بإنشاء مرصداً فلكياً في مدينة “الرقة” سماه باسمه أي مركز البتاني.
ويقول الدكتور محمد العصيري في احد المقالات وهو عالم متخصص في المجال الفلكي ورئيس جمعية هواة الفلك السوري عن العالم البتاني: يعد البتاني اسماً ساطعاً يقف فلكيو العالم احتراماً له حتى يومنا هذا، فأعماله المبدعة لم تقتصر على الأرصاد الفلكية الدقيقة التي لم يسبقه إليها أحد غيره، بل تعدتها إلى النقد والبحث والتأليف، وامتدت لتشمل الحسابات المتقدمة والمعادلات الرياضية، وأجد أن كتابه “زيج الصابئ” مرجع فلكي مهم وله تأثيره في الكثير من المراجع بعده، وخاصةً أنه بقي يدّرس في مراكز العلم الأوروبية طوال العصور الوسطى وعصر النهضة، ولمدة قاربت عشرة قرون من الزمن، حيث استطاع “البتاني” من خلال أرصاده التوصل إلى الكثير من الاستنتاجات حول حركة الأجرام السماوية، وتركز جزء كبير من جهوده على حركة الأرض ودورة الشمس السنوية , كان ( البتاني ) من أجرأ العلماء في عصره؛ حيث اتجه لإثبات عكس ما ذهب إليه “بطليموس” بأن المسافة العظمى بين الأرض والشمس ليست ثابتة، ثم وضع البرهان على تغير القطر الزاوي الظاهري لقرص الشمس في السماء وإمكانية حدوث الكسوف الحلقي مثله مثل الكسوف التام، كما وضع أرصاده في تحديد تسارع القمر في حركته خلال قرن من الزمان، إلى جانب طرح نظرية جديدة تماماً حول تحديد ظروف رؤية الهلال الجديد .
ويضيف: اشتغل البتاني برصد الكواكب والأجرام السماوية من سنة 264هـ إلى 306هـ في مدينة الرقة ، وحقق عدداً كبيراً من الاكتشافات المهمة في علم الفلك، وعلى الرغم من عدم وجود آلات دقيقة كالتي نستعملها اليوم، فقد تمكن من إجراء أرصاد لا تزال محط دهشة العلماء وإعجابهم، ربما بفضل الأدوات التي صنعها بنفسه، واعترافاً بجهوده وإبداعاته فقد أُطلق اسمه على واحدة من الفوهات البارزة على سطح القمر، وهي فوهة نيزكية قديمة نسبياً تتوضع في المنطقة المركزية من سطح القمر المواجه للأرض .
ويصف الكثيرون ان من انجازات البتاني واهمها أنه أصلح قيم الاعتدالين الصيفي والشتوي، وعين قيمة ميل فلك البروج على فلك معدل النهار (أي ميل محور دوران الأرض حول نفسها على مستوى سبحها من حول الشمس)، ووجد أنه يساوي 23 درجة و35 دقيقة، والقيمة السليمة المعروفة اليوم هي 23 درجة، ومن مساهماته أيضاً في علم الفلك اكتشاف “السمت والتنظير” وتحديد نقطتيهما في السماء؛ كما أنه حدد بدقة ميل الدائرة الكسوفية، وطول السنة المدارية والفصول.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.