خاص – الرقة تذبح بصمت
تشهد مدن الغوطة الغربيّة هدوءاً نسبيّاً على جبهات القتال، ويعود تارخ هذا الهدوء إلى ما قبل الهدنة المزعومة، ويُعزى ذلك إلى كون بعض المناطق تقع على مناطق تماس مع النظام، الأمر الذي دفع بعض الشباب المتحمّس للجهاد من فصائل الجيش الحرّ الذين ملّوا هذا الهدوء للانضمام إلى تنظيم داعش متأثرين بالاصدارات المرئيّة التي يُنتجها التنظيم، وينشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ.
يُذكر أنّه يتواجد في الغوطة الغربيّة أكثر من 80 فصيلاً عسكريّاً، ويخضع كلّ فصيل منها لقيادة مختلفة، ولا يوجد أي تشكيل عسكريّ أو غرفة عمليّات تجمعها، ويرى كثير من الناشطين المدنيين والعسكريين أنّ هذا التشتّت هو السبب الرئيس لاندفاع بعض المقاتلين ومبايعتهم لتظيم داعش.
تتمّ عمليّة المبايعة عن طريق بعض العناصر المبايعة لداعش سراً أو المحسوبة عليه في الغوطة الغربيّة، والذين لا يجرؤون على إعلان بيعتهم للتنظيم خشية على أنفسهم كون تلك المنطقة ليس لداعش أي نفوذ يُذكر فيها، حيث يقوم هؤلاء الأمنيين السريين لداعش بعمليّة التنسيق ما بين الرّاغبين من شباب الغوطة الغربيّة باللّحاق بصفوف داعش وما بين قياديّ التنظيم في الرّقّة، حيث يقطع المبايعون مئات الكيلو مترات من جنوب سوريا إلى شمالها ليحطّوا في الرّقّة عاصمة الخلافة المزعومة.
عن ذلك يقول “احمد” أحد عناصر الجيش الحرّ في الغوطة الغربيّة: أنّ بعض ضعاف النفوس ممّن يسمّون (دلّلالين) الطرق، يقومون بمهمّة توصيل الراغبين بالالتحاق بالتنظيم مقابل مبلغ من المال قد يصل إلى حدود (300) ألف ليرة سوريّة ، وفي بعض الحالات جرت عمليّات سرقة السلاح العائد لإحدى فصائل الجيش الحرّ من قبل هؤلاء، وإعطائه للدلّلال مقابل إيصالهم للطريق والمكان المتفق عليه.
الدافع من وراء هذه الهجرة
بالتأكيد تبقى هناك أسباب غير الهدوء الذي يسعى له الجميع، فالسبب المباشر وراء مبايعة بعض عناصر الجيش الحرّ في الغوطة الغربيّة لداعش إلى شبه الحصار المطبق على بعض المناطق، وغلاء الأسعار وانخفاض مستوى المعيشة، وقلّة الرواتب التي يحصلون عليها من ألويتهم، وكذلك الخسائر المتلاحقة التي كانت تلحق بالجيش الحرّ في الفترة الأخيرة بسبب نقص السلاح، كلّ تلك الأسباب مجتمعة، جعلت من داعش الوجهة الأمثل لهم، بغضَ النظر عن إيمانهم بتوجهات التنظيم وسياسته.
ولم تقتصر المبايعة على أفراد الجيش الحرّ فقط، بل شملت المدنيين أيضاً، فإنّ معظم العمّال والموظّفين توقّفوا عن متابعة أعمالهم في العاصمة دمشق، وذلك بسبب الاعتقالات العشوائيّة التي تتمّ على حواجز النظام، فهم يجدون بالانتماء لداعش سدّاً لرمق عيشهم، وليس إيماناً واحتساباً بقدرة التنظيم، ممّا يترك أثراً سلبيّاً على المنطقة الغربيّة من ريف دمشق كونها تعاني من نقص الكادر البشريّ وخصوصاً الشباب، كما ستترك فراغاً عسكريّاً على جبهات القتال هناك.