خاص – الرقة تذبح بصمت
قال الزعيم الهندي المهاتما غاندي ” الإرهاب هو سلاح الضعفاء و ليس الاقوياء”
تنامت ظاهرة الإرهاب في العقد الأخير, منتقلة من سياسة العصابات القابعة في الجبال, نحو تشكيل تنظيمات تنتشر على رقعة جغرافية واسعة, بمصادر تمويل عالية, وللأسف فإن الشواهد اليومية على الإنتهاكات بحق المدنيين واضحة للعيان, كأخبار يومية, في فضاء واسع لا قدرة لنا على بلوغ حدوده وحصر أشكاله.
فمفهوم الإرهاب يعتبر من أكثر المفاهيم جدلية, لإعتبارات عديدة, تبعاً للباحثيين وطبيعة نشأتهم وتغير السياسات الدولية التي ينتمي لها الباحثون والمعرفون, ليوصف تعبير الإرهاب بالـ “مصطلح الفضفاض”, فالإرهاب لغة هو الخوف والترهيب, أما من الناحية العملية التطبيقية, فإن السلوك الإرهابي يصنف تبعاً لعدد من المقاييس الأساسية, والتي تشتمل على: الإجراء، الممارسة، الأهداف، الدوافع, و النتائج للسلوك الإرهابي الإجرامي.
– الإجراء: هو الإعتداء على الأخر, شاملاً الإعتداء النفسي أو الجسدي.
– الممارسة: فالسلوك الإرهابي, قد يكون فردياً أو جماعياً.
– الأهداف: فإما أنّ يكون ضد كيان سياسي, أو ديني, أو عرقي, أو مذهبي.
– الدوافع: فالإرهاب ناتج إما عن إضطهاد, أو انحياز أو قد ينبع من ايدولوجية محددة تفرضها مجموعات متطرفة من الداخل أو الخارج.
– النتائج: عادة ما تكون حالة من الفوضى العارمة, أو اضطراب و اختلال الأمن فضلاً عن التخلف و الدمار وقتل الأبرياء.
و لعل الصعوبة التي تواجه الباحثين في هذا الموضوع هو صعوبة مقابلة هؤلاء الاشخاص بسبب التحفظات الأمنية التي تكون مفهومة في معظم الاوقات, حيث أنّ الصبغة السياسية هي التي تطغى على معظم هذه الحالات.
يعتبر المدخل للقراءة النفسيه للسلوك الإجرامي والمدخل لتحليل ظاهرة الإرهاب، هو في تحليل السلوك الخاص بالأفراد والجماعات التي تتبنى الإرهاب منهجاً وأسلوب حياة, ولإن السلوك الإنساني هو المدخل المهم لقرائة الشخصيات, فلا بد من إلقاء النظر على مفهوم الشخصية ذات السلوك والدوافع الإجرامية.
هنا اختلف الباحثون النفسيون علي مصطلح الشخصية الإرهابية من حيث: هل أنّ التسمية صحيحة ومنصفة أم أنّ الشخصية الإرهابية هي مصطلح إعلامي لا وجود له؟.
إلا أنّ الإرهاب جريمة ولأن أسباب ودوافع الجريمة متعددة و مصادرها متنوعة، فالشخصية ذات الدوافع والسلوك الإجرامي هو المصطلح الاكثر تناسبا مع هذه المعطيات.
نفسياً تعرف الشخصية على أنها مجموعة من العوامل المتشابكة التي تشمل الجوانب الوراثية والإجتماعية والإقتصادية و القدرات العقلية و الخبرات المكتسبة و الحالة المزاجية والإنفعالية فضلاً عن العوامل البيئية والثقافية الاخرى, ومن خلال التعريف تظهر بشكل جلي القواعد والأصول الواضحة للإجرام المتمثل بالسلوك الإرهابي.
ولكي نركز أكثر على الجزء النفسي لهذه الظاهرة, فلابد من العودة للنظر وتحليل المدارس النفسية المختلفة للسلوك الإجرامي.
1. النظرية المعرفية:
و تؤكد أنّ الطريقة التي يفكر بها المجرم غير منطقية و تنعكس على سلوكه من خلال قتل الأبرياء أو تفجير نفسه، و يكون تفكيره بعيد عن المنطق العقلاني و يعمل بالصورة اللامنطقية الموجودة في ذهنه والمتمثلة في أنّ هذا السلوك غير المبرر الإرهابي الإجرامي هو وسيلة لتحقيق الأمان الذاتي.
2. النظرية السلوكية:
ترى هذه النظرية أنّ السلوك الإرهابي هو سلوك يتعلمه الفرد من محيطه الذي يعيش فيه، و للتقليد دور بارز في تعلم السلوك العدواني و يكون ذلك من خلال ما يلاحظه الفرد فى محيط الأسرة أو ما يشاهده في وسائل الإعلام المختلفة.
3. نظرية ضبط السلوك:
وتؤكد هذه النظرية أن الإرهاب والعنف والجريمة ترجع إلى عدم القدرة على ضبط السلوك و الذي يكون غالباً نتيجة التربية الأسرية والإجتماعية و فقدان القدرة على التحكم الإيجابي في السلوك نتيجة غياب القوى الإجتماعية والتربوية التي تسهم في تدريب الفرد على الإلتزام بالمعايير الإجتماعية وتقدير الأبعاد الإجتماعية والأخلاقية لسلوكه.
4. النظرية البيولوجية:
السلوك العدواني ناتج عن زيادة عدد الكروموسومات الذكرية ،أذ يكون عددها (xyy) بدلاً من (xy)، و هذا التغيير يكون على الذكور حصراً وهنا يكون الإنسان مبرمجاً على السلوك العدواني و لكن لابد من التكامل حتى مع النظريات السابقة من حيث ان السلوك الإجرامي الإرهابي هو كل كامل من مجموع البيولوجية والسلوك والبيئة.
5.النظرية الإجتماعية:
إنّ النظرة الإجتماعية لظاهرة السلوك الإجرامي الإرهابي تحتم علينا أنّ ندرك ما هي العوامل الإجتماعية التي تنتج لنا هذا السلوك, فالإنحراف عن القيم الإجتماعية هو سلوك مكتسب، و أن الطابع الإجرامي لمجموعة الأفراد المنحرفين يساهم في أتساع دائرة الإنحراف والإجرام عن طريق استقطاب أفراد جدد، أي ان الشخصية تكون مرتبطة بالبيئة التي يعيشها الفرد.
و يدخل تحت السياق الإجتماعي مفهوم الظلم الإجتماعي وعدم العدالة في توزيع الأدوار وعدم تكافؤ الفرص, فالإنسان المظلوم الذي يمارس عليه ظلم المجتمع والذي لا يرى وجود طرق عقلانية دبلوماسية في التعبير عن حقه في الحياة يمكن أنّ يلجأ تحت تاثير هذه الضغوط إلى بعض الطرق غير المقبولة اجتماعياً كأن ينتمي إلى جماعات متطرفة أو يتبنى الفكر التطرفي الإرهابي.