خاص – الرقة تذبح بصمت
أطلقت مجموعة من الناشطين مؤخراً، حملة مناصرة للاجئين عالقين بين الحدود الصربية والمقدونية بعدما منعوا من الدخول والعبور إلى أوربا. وفي البداية أورد الناشطون خبر منع بعض السوريين، غالبهم من محافظة الرقة، من العبور على خلفية وصفهم بـ”الإرهابيين” قبل أن يشمل القرار الأوربي والإتفاق بين الحكومة التركية والاتحاد كل السوريين.
ويُسلّم أبناء الرقة باللعنة الموجودة على أرضهم والمتمثلة بتنظيم “داعش”، والتي لم تأت نتيجة لطبيعتهم الإيديولوجية والفكرية وهو ما دفع التنظيم لاعتقال وقتل العديد منهم واتهام آخرين بـ”الردة” في ظل حركات النزوح الكبيرة التي شهدتها المحافظة بسبب ممارسات داعش وانتهاكاته، إلا أنّ هذه اللعنة لم تبق محصورة في حدود سيطرة التنظيم بل لحقت بالأهالي وأصبحت وصمة على جبين كل منهم تحاسبه عليها جميع الأطراف المحلية والدولية.
أحمد الشاب العشريني الذي خرج من مدينة الرقة خوفاً من تجنيده في صفوف التنظيم لصد تقدم القوات الكردية شمالاً يقول للرقة تذبح بصمت: “عبرت آخر حاجز تابع للتنظيم على حدود مدينة الباب، تنفست الصعداء وطلبت من أحد الموجودين معي في السرفيس سيكارة الحرية، وما إن وصلنا أحد حواجز الجيش الحر في ريف حلب حتى فتح أحد عناصر الحاجز الباب ليطلب البطاقات الشخصية ويطلب مني النزول بتهمة أني من الرقة. بدأ بتفتيش هاتفي المحمول وردد عبارات اتهام لأهل الرقة بأنهم دواعش قبل أن يطلب مني خلع قميصي محاولاً تفقد كتفي بحثاً عن علامات حمالات الجعبة العسكرية، لم أعب عليه تفتيشه الدقيق إلا أنّ كلماته المهينة لأبناء مدينتي وطريقة تفتيشه الوقحة كانت سبباً لإستفزازي، فحاولت أنّ أطلب منه الكف عن ترديد التهم لكنّه صرخ في وجهي وقال اسكت يا داعشي. لتتالى الحواجز والنقاط الأمنية التابعة للفصائل المعارضة والكتائب الإسلامية ويتالى معها سيل التهم والتهكم علي وعلى سكان مدينتي”.
وفي تركيا لم يكن الحال أفضل من المناطق المحررة بكثير، ففي مدينة أورفا التي تشهد تواجداً كثيفاً لعناصر تنظيم داعش ويقبع فيها عدد كبيرٌ من النازحين من أبناء محافظة الرقة، يتعرض هؤلاء الأخيرون لكم كبير من التضييق الأمني متمثلاً بانتشار الدوريات ليلاً ونهاراً وصعوبة تنقلهم بين الولايات التركية نتيجة مخاوف من انتقال عناصر التنظيم وعناصر القوات الكردية نحو المناطق الأخرى.
أمّا في أوربا، القارة العجوز، فكان الحال أفضل بمراحل، إلا أنه وفي الفترة الأخيرة ظهر التمييز بين اللاجئين والتخوف من أولئك القادمين من مدينة الرقة والهاربين في جلهم من غدر التنظيم وطيران النظام، لتبقى لعنة داعش تلاحق أبناء الرقة في كل سوريا وأيضاً في أنحاء العالم الذي تقاعس عن نصرة أهلها ليحصد اليوم نتيجة ذاك ويعيش الرقيون عواقبه.