خاص – الرقة تذبح بصمت
ارتبط مصطلح التجويع بالنظام السوري الذي يحاصر مناطق عدة من دمشق وريفها وصولاً إلى حمص وبعض أجزاء دير الزور، إلّا أنّ هناك نوعاً آخر من التجويع يمارسه تنظيم “داعش” ليشارك به النظام.
وتتميز المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم بسهولة الحركة فيما بينها كونها مفتوحة على بعضها، حيث تمضي القوافل التجارية والبضائع بينها دون أي مخاطر إلّا أنّ التنظيم يلعب دوراً قذراً فيها يعتمد على تجويع الناس رغم امتلاء الأسواق بكل ما يحتاجونه.
ويرتبط ارتفاع أسعار المواد التموينية في أسواق مدينة الرقة بانهيار العملة السورية مقابل الدولار إضافة إلى أسباب أخرى، بينها الضرائب التي يفرضها التنظيم على حركة المواد التموينية من ضريبة (عابر سبيل)، فكل سيارة تحمل مواد غذائية تدخل مناطق سيطرته تدفع ضريبة معينة بحسب حجم المواد وسعرها الأمر الذي يساهم بارتفاع الأسعار، فضلاً عن الضرائب التي تفرض على التجار والتي تقتطع منهم وهو ما يبرر رفع أسعار المواد في الأسواق بسبب التكاليف الكبيرة التي يتحملها هؤلاء، إلى جانب سحب المواد من أسواق الرقة باتجاه مناطق سيطرة التنظيم في العراق عن طريق تجار يتبعون له.
يضاف إلى ذلك، احتكار تجار يرتبطون بالتنظيم لبعض المواد الغذائية ورفع الأخير عنهم باب المراقبة المالية لحجم الربح، إذ نشأت طبقة تجار من أقربائه أو عناصره يفرضون أسعار جديدة للمواد الأساسية ويضيقون على المنافسين عن طريق المكتب الاقتصادي في النقطة 11 والتابع للتنظيم الذي جمع التجار وفرض أتاوات عليهم للسماح بالعمل تحت طائلة مصادرة جميع ممتلكاتهم.
كل هذه العوامل أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية في الرقة لتصبح خارج قدرة غالبية الأهالي على الرغم من وجودها في المحال التجارية، وهو أمر محسوب بالنسبة للتنظيم ويهدف من خلاله إلى إجبار الناس على الانضمام له والانخراط في صفوفه لتأمين لقمة العيش، فإما أن تكون من عناصر التنظيم وتنعم بالخيرات او أن تحاول إيجاد مكان في المطاعم الإغاثية.
وبحسب إحصاء تقريبي، فإنّ تكلفة شهرية تشمل مواد أساسية فقط لعائلة من خمسة أفراد تصل إلى 25.500 ليرة سورية أي ما يعادل راتب موظف حكومي، فسعر الخبر 13.500 والماء ألف والكهرباء 11 ألف دون حسبان مصاريف الهاتف وغيرها، إلّا أنّ 80% من موظفي الرقة محرومين من الرواتب كما أنّ 20% من العائلات فقدت المعيل في ظل ارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوياته، ما يعني أنّ من يمتلكون دخل لتغطية مصاريفهم بالحد الأدنى هم 40% من سكان المحافظة، وهو ما يبرر أن تجد نصف أثاث منازل المدنيين قد بيع من أجل تأمين لقمة العيش.