حصري – الرقة تذبح بصمت
“رأيته يدخل إلى الحي مسرعاً على غير عادته، لم يكن ينظر إلى النوافذ أو البيوت علّه يرى امرأة غيرة منقبة فيعتقلها، حتى أن سيارة الحسبة التي لطالما كان يقودها وهو متفاخر بنفسه لم تكن معه، وقع سلاحه منه ولم يحمله، لوهلةلم يفهم أحد من المارة ما يحدث، فليس من عادة أبو سعد المصري أن يدخل الحي دون التحرش بالمارة أو مضايقتهم، حتى لفت أحد الأطفال أنظار الواقفين بقوله “هنالك طيارة صغيرة في السماء”.
هذا ما نقلته إحدى فتيات المدينة لمراسل الرقة تذبح بصمت، وهي تشرح حال عناصر تنظيم داعش مع وجود الطائرات دون طيار، لتتابع “نرى الخوف في عيونهم في كل مرة تأتي بها تلك الطائرات إلى المدينة، وكأنه كابوس حقيقي لهم، ففي الوقت الذي ينظر به الأطفال إلى الطائرات وكأنها شيء اعتيادي، ترى عناصر داعش يهربون منها”.
طائرات الدرون التي حصدت أرواح عدد من الشخصيات المهمة في التنظيم، باتت أكثر ما يرعبه، فبمجرد دخولها سماء المدينة يبدأ العناصر بالإختفاء وترك سياراتهم والدخول إلى الأحياء السكنية، حتى أنهم لا يتجرؤون على إطلاق النار عليها خوفاً من أن تكشف مواقعهم، ويقول شاب من المدينة، “أتذكر كلام أحد عناصر داعش سعودي الجنسية قبل بدء الغارات على مدينة الرقة، حين قال لي “والله لن يوقفنا شيء من دخول روما وسنفرض سيطرتنا على كامل البلاد، لكنني أخشى تلك الطائرات اللعينة الموجهة عن بعد، هي عدو شرس وذاق إخواننا المجاهدون منها الويلات في اليمن”، لم أفهم سبب هذا الخوف من تلك الطائرات بذلك الوقت فلماذا يخافون من طائرة صغيرة ولا يخافون من مقاتلات حربية أشرس منها وتحمل صواريخ أكثر، حتى رأيت اليوم الخوف الذي يسيطر عليهم مع رؤيتها”.
الجهادي جون وجنيد حسين وغيرهما من الشخصيات، جميعهم لقوا حتفهم عن طريق تلك الطائرات، نظراً لإصاباتها الدقيقة والمركزة باستهداف الشخص المقصود، حتى أنها لا تسبب ضرراً على بعد خمسة أمتار من المكان المستهدف، كما استطاعت إصابة سيارات التنظيم وسط تجمعات سكنية دون إلحاق أي ضرر بما حولها.
وعلى الرغم من كثافة حركة الطيران في سماء الرقة واختلاف الأنواع والأهداف، إلا أن لوقع ضربات الدرون تأثير خاص وصل إلى المدنيين، فباتوا بمجرد سماعهم بغارة من طائرة دون طيار يبدأون الأسئلة عن طبيعة المكان المستهدف وهل تم اغتيال شخصية مهمة في التنظيم أم لا، فغارات الدرون ترتبط غالباً بخبر مفرح عن مقتل أحد قياديي وعناصر داعش.