حصري – الرقة تذبح بصمت
يتطابق تنظيم داعش مع الأفعى كثيراً بلسانه المسموم وحركاته الخفية وانعزاله عن الوسط المحيط به، ليكمل هذا التطابق بتبديل جلده كل فترة، من خلال حملة إعدامات تطال عناصره بتهم مختلفة، منها عدم إطاعة الأوامر أو ارتباطهم بجهات استخباراتية خارجية، أو محاولات الانشقاق، فكل هذه التهم تصدر عن التنظيم فقط، ولا يستطيع المراقب الجزم بصحتها أو عدمه، إلا أن الأمر المثبت، هو أن التنظيم يغيّر مظهره الخارجية لتحميل أخطائه لعناصره المعدومين.
تنقسم إعدامات التنظيم لعناصره، بين معلن عنها يتبناها بعد توجيه تهم مختلفة لهم، أو من خلال إعدامهم سراً ومن ثم إشاعة حديث عن اغتيال هؤلاء العناصر من قبل مجهولين، يشنّ بعدها التنظيم حملة اعتقالات للمدنيين محمّلاً إياهم مسؤولية مقتل هؤلاء العناصر، قبل أن يعدمهم ليبرر قسوته الأمنية ضد الأهالي.
هارون “الشيشاني” الذي أعدمه التنظيم بحسب إصدار بثه على مواقع التواصل الاجتماعي ظهر مرتدياً الزي البرتقالي قال فيه، إنّه جاء باسم هارون بأمر من المخابرات الروسية لمعرفة الأشخاص الذين يريدن العودة إلى القوقاز لقتال الروس، و خطط التنظيم , وإذا ما كان ينوي مهاجمة روسيا”، لكن هذا الأمر تم اكتشافه بعد سنة، لا يعلم أحد كم مدني أعدمه هارون وماهي الأجندات التي نفذها قبل أن يكتشفه التنظيم، وكم من هارون روسي بين صفوفه يذبحون الأهالي يومياً بتهم طابعها إسلامي ومضمون سياسي.
وليست هذه المرة الأولى التي يزعم فيها تنظيم داعش إعدام روس يعملون لصالح موسكو، فقد أصدر في كانون الثاني/يناير الفائت، شريط فيديو يظهر فتى وهو يطلق النار على رجلين متهمين بالعمل لصالح المخابرات الروسية، لكن الفيديو الصادر الأربعاء الفائت، هو الأول منذ بدء روسيا حملتها الجوية في سوريا.
من جهة أخرى، أعدم التنظيم في السابع من الشهر الجاري، أربعة من عناصره في مدينة الطبقة دون توجيه أي تهمة لهم، كان أحدهم من “الشرطة الإسلامية” التابعة للتنظيم، والتي تشكّل للأهالي كابوساً، جراء تصرفاتها التعسفية وقسوتها في المعتقلات.
أخبار مسربة من داخل التنظيم حصل عليها مراسل الرقة تذبح بصمت، تتحدث عن نية التنظيم إجراء تعديلات تخص أمراء الولايات، وإجراء المكتب الأمني التابع للتنظيم حملة لتصفية كل العناصر الذين يشكّلون خطراً على التعديلات الجديدة ممن يحملون الولاء والتعصب لأمير دون غيره.
التنظيم المخترق من كل الجهات تنكشف نواياه للعيان بشكل واضح يوماً بعد يوماً، فليس همه إقامة “دولة الخلافة” التي تعتبر عنصر الجذب لكثير من الأشخاص خارج سوريا، ولا قتال نظام الأسد، بل حتى أن أهداف التنظيم تتقاطع بشكل كبير في سوريا مع مصالح إيران وروسيا، ولطالما كان التنظيم سبباً في ظهور الأسد كمحارب للإرهاب على الرغم من وجود ما يقارب نصف مليون قتيل في ملفه، ولتكون داعش الوجه الأكثر دموية في سوريا.