إبراهيم عبد القادر من مواليد مدينة الرقة 1995 , بدأ عمله الثوري بالمشاركة في التظاهرات السلمية ضد نظام الأسد, وما أنت تحررت مدينة الرقة حتى انتقل للعمل الإعلامي وعمل كمراسل في المدينة ابراهيم بدء عمله مع الرقة تذبح بصمت منذ انطلاقها لفضح ممارسات داعش في المدينة, وكان ابراهيم من كتاب الفريق واحد الناطقين الاعلاميين, خرج من مدينة الرقة وبقي في مدينة اورفا التركية حتى اغتياله منذ ايام وقطع رأسه في منزله في مدينة اورفا على يد تنظيم داعش التي بدأ ينفذ تهديداته التي لم تتوقف منذ سنة, هذا جزء من الثمن الي دفعناه وندفعه كل يوم في بحثنا عن الحرية.
والان اسمحوا لي أن أعرفكم بنفسي فهذا الشيء الوحيد الذي بات يربطني بوطني، لا أريد أن استخدم الألقاب فهي تذكرني بـ «داعش»، ولا اسمي الكامل الذي كنت مُجبراً على ترديده حرفاً في معتقلات النظام. أنا شاب سوري تخرجت من كلية الحقوق، شاب مُبعد عن وطنه، غادرته مُجبراً لسبب بسيط جداً لكنكم تعتبروه من أبسط الحقوق عندكم، هذا الذنب الذي اضطرني لترك بلدي هو حبي لها ورغبتي أن يكون وطني حرّاً معطاءاً لا تتحكم به قوى الاستبداد والقهر التي يمثلها الأسد ولا قوى الظلام والقهر التي تريد أن تسلبنا إرادتنا وحريتنا.
أشكركم لدعوتي لكي أكون هنا وأقدّر لكم وقتكم الذي منحتموني إياه، ولن أطيل في كلامي ولن أخذ من وقتكم طويلاً. شكلّتُ مع مجموعة من الأصدقاء مجموعة تحت اسم” الرقة تذبح بصمت” كانت استمراراً لعملنا السابق بفضح الإرهابي الأول بشار الأسد الذي كان أحد أهم أسباب ظهور الجماعات المتطرّفة في سورية ودور نظامه السابق المفضوح في تسهيل مرور” الجهاديين” الذين مارسوا إرهابهم في العراق، لكنّه في هذه المرة تغاضى عن دخولهم للبلاد وساعد في انتشارهم وتمددهم ليثبت الرواية التي حاول إعلامه ترويجها في الأوساط الغربية بأنّه يحارب الإرهاب، بعد أن فضحت عدسات موبايلات السوريين وكاميراتهم البسيطة وحشية نظامه في قمع التظاهرات السلميّة التي اندلعت ضد نظامه في العام 2011 .
الرقة تذبح بصمت تأسست في أبريل/نيسان من عام2014 بعد سيطرة تنظيم «داعش» على الرقة واحتلالها وكانت الغاية الأساسية من إطلاق هذه المجموعة أنّ نكون صوتاً وصدى لأهلنا المظلومين الذين باتوا يرزحون تحت سيطرة هذا التنظيم المجرم ونقدّم صورة عمّا يجري في هذه المدينة ونكون صوتها الذي نسمعه لكل أرجاء العالم. وكان لنا من اسمنا نصيب حيث قام تنظيم داعش بعد فترة من انطلاقتنا بإعدام زميلنا وأحد الناشطين فيها صديقنا “المعتز بالله ابراهيم” عقاباً لفضحنا جرائم تنظيمهم المجرم ورسالة لنا كي نخشاهم ونوقف عملنا، لكننا استمرينا بعملنا بالرغم من كل التضحيات الجسام التي عانينا منها.
عملت الحملة بعدّة جوانب كان أهمها العمل المدني والإعلامي، لم نكن سياسيين محترفين ولم نحمل السلاح، إلا أننا أتخذنا من المقاومة السلمية سلاحاً لنا إيماناً منّا بقوتها وقدرتها على مقارعة قوى الشر والظلام التي تفشت في سورية. الفريق الاعلامي يعمل بشكل متواصل لإظهار حقيقة الوضع في مدينة الرقة، عملنا مع جميع الناشطين والمجموعات في الرقة لفضح التنظيم. اخترقنا التنظيم اكثر من مرة وكشفنا كثيراً من الحقائق والمعلومات التي أذهلت العالم، معلومات يصعب الحصول عليها لولا شبكة ناشطينا المتواجدة في الداخل والتي تستقصي الحقائق وتجري خلف المعلومة الصحيحة لنقلها للعالم كله، وفريقنا في الداخل يبذل جهداً لمحاربة الفكر المتطرّف من خلال توعية الأهالي بوسائل متعددة من أهمها المنشورات الورقية وحملات الكتابة على الجدران ذات الأساليب كنا نتبعها بمجابهة نظام الأسد، لكن طورنا هذه الأساليب لتتماشى مع إجرام داعش لأنّ حربنا أصعب بكثير من حروب الجيوش التي تقاتل القاعدة وتنظيم داعش، حروب الجيوش تنتهي بمجرد مقتل “الإرهابيين”، إلاّ أن حربنا هي الأهم وهي إنهاء هذه الفكر المتطرّف ومسحه من العقول، حرب أفكار لا أشخاص، فالإرهابيون ينتقلون من بلد إلى أخر تاركين ورائهم فكرهم المتشدّد الذي يرثه جيل صغير يحاول إكمال درب التطرّف والسير في مسالك الظلام.
واقعنا اليوم يدفع الكثيرين لليأس، لكن تجربتنا التي مررنا بها جعلتنا أقوى مما نحن عليه، جعلتنا نعي معنى الانسان وطاقته، نحن لا نؤمن بشيء يدعى” حلم سوريا المستقبل” فبالنسبة لنا هذا أمر محتوم سيأتي يوماً ما وليس مجرد حلم قد لا يتحقق، العاصفة عندما تهب قد تستمر لأيام طويلة إلا أنها ستتوقف وستعود لترتيب حديقة منزلك من جديد، كذلك نحن سنعيد لمدينتنا بريقهاـ ستستطيع كل زوجة فيها أن تجلس بجوار زوجها قرب النهر دون أن تشعر بالخوف من دوريات “الحسبة” أي شرطة “داعش”، سيذهب الأطفال إلى المدارس ليتعلموا الرياضيات والأدب وليس فنون القتال ولن يسمعوا صوت هدير طائرات الأسد وصوت براميل حقده، بل سيرافقهم صوت الموسيقا، مدينتي لن تُحكم بشريعة الغاب من قبل أشخاص يدّعون خدمة الرب ويحكمون باسمه بل سنكون بخدمة بعضنا البعض وسأساعد صديقي المسيحي برفع الصليب الذي حطمته داعش، بينما سيساعدني هو بترميم المسجد الذي هدمته طائرات الأسد وصواريخه.
مدينة الرقة اليوم وغداً وفي كل يوم آخر تحت سيطرة تنظيم «داعش» تعيش في أحلك الظروف وتحت ظل قوانين رجعية ظالمة تفرضها رغبات المتطرفين وإراداتهم وهي ظروف لا يستطيع البشر تحملها، جميع الخدمات الحياتية متوقفة (الطب_ التعليم_ الخدمات العامة) والفقر ينهش البشر فيها، لا حق لأي بشري أن يعيش بكرامة وأن يحصل على أبسط حقوقه، لا تستطيع أن تعمل أي شيء بدون مراجعة تنظيم داعش، وفي أي لحظة قد يكون المرء عرضة للاعتقال ولا أحد يستطيع التكهن بالطريقة التي من الممكن أن يُقتل فيها فهذا التنظيم لديه أفكار شيطانية ووسائل ابتكارية في اختراع صنوف جديدة للموت سواءً أكان حرقاً أم تفجيراً أو دهساً بالدبابة .. الخ من هذه الصنوف الوحشية والتي لا تحترم كرامة البشري حتى في لحظات موته. باختصار أنتِ في مدينة يكاد يكون كل شيء فيها محرّم ويخضع لرقابة ومتابعة ولو استطاعوا لعدّوا على البشر ذرات الأكسجين التي يتنفسوها وتستمر حياتهم بها.
جميعاً نعلم أن قوى الشر في حال انطلقت سيصعب السيطرة عليها، داعش الأن منتشرة في الشرق الأوسط (سورية_العراق) وهذا لا يعني أن خطرها سيبقى محصوراً بهذه المنطقة، بل إنْ استمرت سيلحق الخطر والضرر بالعالم كله كما رأينا في ليبيا وسيناء في مصر وهذا لا يعني أن أوروبا بمنأى عن هذا الخطر الكبير. تغاضي العالم عن تدفق “المجاهدين” إلى سورية وإرسالهم إلى المحرقة السوريّة كي تتخلص بلدانهم منهم، ليس حلاً أو إبعاداً للأذى عنهم وهذا التهاون سيسبب الكثير من المشاكل لهذه البلدان التي قدم منها هؤلاء المجاهدون( كيف نفسّر قدوم مجاهد استرالي جاء من أخر الأرض وقطع العديد من المطارات ليقاتل في الرقة ؟؟)، لذا يجب العمل على قطع شريان تدفق المهاجرين إلى أماكن داعش، لأنهم سيعودون يوماً ما إلى بلادهم محملين بفكر داعش المتطرّف، وهذا الأمر لا يتعلق بالحكومات لوحدها، فالشعب أيضاً مطالب بذلك، وربما تقوية الصلة بين اللاجئين السوريين في البلاد الأوربية والمواطنين الأصليين تساعد بذلك عن طريق نقل قصص المعاناة والمآسي التي عاشوها تحت حكم هذا التنظيم المجرم، ستجعل من الذين يرغبون بالانضمام لداعش أن يعيدوا حساباتهم وستكشف زيف البروباغندا التي يستخدمها التنظيم وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأفكاره واقتناص عناصر جدد كي يلتحقوا به.
من جهة أخرى فإنّ المقاربات الخاطئة في التعامل كتلك مع قضية الارهابيين قد تكون في حد ذاتها مشكلة كتلك التصريحات التي أطلقها السيد رئيس بلدية روترادم أحمد أبو طالب والتي قال فيها ان الافضل هو مقتل الجهاديين الهولنديين في سوريا بدلاً من العودة الى هنا، تعزز من إمكانية جذب عناصر جديدة لداعش نتيجة المواقف المعادية لهم في بلدانهم وهذا ما يفسر تواجد عدد لا بأس من المواطنين الهولنديين الذين يقاتلون مع داعش. وفي السياق ذاته فإن تصريحات السيد رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في السادس من شباط/ فبراير الفائت والتي قال فيها: “إنّه من الأفضل لو أنّ الجهاديين الهولنديين الذين ذهبوا للقتال في سورية ماتوا بدلاً من يعودوا إلى هولندا”، فسورية ليست مكب نفايات للدول علاوة إنّ الجهاديين الذين يقاتلون في سورية لن يموتوا كلهم كما تمنّى السيد رئيس الوزراء بل سيعود قسم منهم إلى البلاد ويشكلوا خطراً وقنابل موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة.
فالحل يكمن بالقضاء المتزامن على نظام الأسد المجرم وداعش المتطرف وإيقاف تدفق المجاهدين إلى سورية ومنعهم من الوصول إليها بشتى السُبل. في الايام السابقة عقد لقاء في عاصمة النمسا “فيينا” وكان جل الحديث عن الوضع في سوريا وماهي سبل الحل, والملاحظ شيء اساسي في كل هذه الاجتماعات وهو استبعاد السوريين وعدم الاخذ برأيهم, ليس فقط استبعاد السوريين وانما دعم اطراف محددة من فئات الشعب السوري مثل دعم الميليشيات الكردية في شمال الرقة في حين لم يتم دعم الجيش السوري الحر منذ 5 سنوات لوقف براميل الاسد هذا الامر لن يؤدي الا لتنازع مكونات الشعب السوري وظهور كنتونات شبيهة بدويلة داعش.
بالعودة لموضوع اللاجئين السوريين والمشكلة التي تعاني منها الدول الاوربية بالآونة الاخيرة ومحاولة وضع حلول للحد من المشكلة كمحاربة المهربين وبناء بعض الجدران في الدول التي يعبر منها اللاجئين جميع هذه الحلول هي حلول ليست جذرية, المشكلة ستتكرر وسيكون لها مآلات أخرى, الحل الجذري والوحيد هو البحث في سبب هروب هؤلاء الناس ومعالجة المشكلة الاساسية الا وهي وجود نظام بشار الاسد والارهابيين جنباً الى جنب. على الجميع ان يعرف ان معظم قيادات الجماعات المتطرفة قد تم الافراج عنها سنة 2011 من سجن صيدنايا الشهير في سوريا هل سألنا انفسنا يوماً ما لماذا تم الافراج عنهم ولماذا هم الان يقودون الجماعات الارهابية وكمثال على ذلك ” ابو لقمان” والي الرقة واحد اهم رجال داعش في سوريا. جميع المشاكل تتلخص بحل واحد وهي القضاء على نظام بشار الاسد والارهاب. الخوف الموجود هنا من الارهاب لن يكافح ولن ينتهي بدون حل للمشكلة في سوريا سيكون هناك العشرات بل المئات من المقاتلين الذاهبين لهناك والعائدين.
كمنظمة مجتمع مدني نطالب البرلمان في النظر للمجتمع السوري كمجتمع متساوي وعدم التفريق بين المكونات كما نطالب بان يتم دعم منظمات المجتمع المدني لحل مشكلة حاملي السلاح لانها الاقدر لايجاد الحلول لاشكاليات مستعصية انا اركز على ان يتم الدعم للمنظمات التي تعمل في الداخل السوري وليس التي تعمل خارجها نحن نطالب برلمانكم بالضغط على التحالف الغربي التي يقوم بدعم القوات الكردية والتي تنتهك حقوق العرب والاتراك والسريان في ريف الرقة.
كشباب سوري مؤمن بالخلاص والتغيير والتوق إلى الحرية المنشودة، دفع الكثير من السوريين أرواحهم فداءً لها، نرغب أن نعيش في بلد ديمقراطي تعددي حر ومستقل، الكلمة العليا هي لسيادة القانون كما هو الحال في بلدكم، بلد يحترم مواطنيه ولا يفرق بينهم على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الأثنية والمذهب، بلد يتم التفاضل بينه مواطنيه نتيجة قيامهم بواجباتهم ومطالبتهم بحقوقهم، بلد يصبح فيه الأسد ونظامه الديكتاتوري جزءاً من الماضي وتصبح فيها داعش جزءاً من ذاكرة مؤلمة عرفها وقاسى منه أبناؤه. على الجميع ان يعلم انه لا يمكن القضاء على الارهاب الا بذهاب بشار الاسد ونظامه ومحاربة داعش وافكارها, 11 السلام ليس بممكن إلا بدون الأسد وداعش في الختام، أكرّر شكري لكم مجدداً واعلموا جيداً أنني اناشدكم بلسان ملايين السوريين، لا تجعلوا إرهاب داعش يعمي بصائركم عن إرهاب الدولة المنظم الذي يمثله نظام الأسد وعصابته المجرمة فكلاهما شريك في الجريمة التي تحصل بحق السوريين، ولنتذكر سويّاً كيف هدّد مفتي نظام الأسد أحمد حسون أوروبا بالعمليات الانتحارية وتودها بخلايا نائمة تضرب بلدانها، وكيف ألغى وزير خارجيته الأبله أوروبا عن الخارطة نتيجة مقاطعتها لنظام الأسد ووقوفها ضده، لذا فإنّ هذا العالم المتحضر الذي ينادي بالسلام وحقوق الإنسان عليه أن ينهي حقبة الأسد وداعش كي ينعم العالم بالاستقرار ولتعيش شعوب المنطقة بسلام وأمان وإلاّ فمزيد من الفوضى والتطرف ستضرب العالم كله عاجلاً أم آجلاً .
أبو محمد – الرقة تذبح بصمت