حصري – الرقة تذبح بصمت
أعلنت مجموعة من الفصائل المقاتلة، العاملة شماليّ سوريا مؤخراً، عن تشكيل قوة جديدة لمحاربة تنظيم داعش تحت مسمى (قوات سوريا الديمقراطية).
وضمّ التشكيل الجديد، كلّاً من التحالف العربي السوري والمؤلف من (جيش الثوار، غرفة بركان الفرات، قوات الصناديد، وتجمع الوية الجزيرة)، المجلس العسكري السرياني، قوات حماية الشعب، و وحدات حماية المرأة، وذلك بهدف “إنشاء سوريا ديمقراطية يتمتع في ظلها المواطنون والمواطنات السوريين بالحرية والعدل والكرامة من دون إقصاء لأحد من حقوقه المشروعة”.
وعقب الإعلان عن هذا التشكيل، ألقت طائرات أمريكية شحنات من الذخيرة والعتاد الحربي في منطقة شمال الرقة قرب منطقة عين عيسى، قيل إنّها الدفعة الأولى من المساعدات العسكرية التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية من أجل العملية العسكرية لتحرير الرقة من سيطرة تنظيم داعش.
وبالنظر إلى طبيعة هذه القوات، نجد تبايناً كبيراً في أهدافها وتطلعاتها، فجيش الثوار، يضم عدداً من فصائل الجيش الحر بينها (لواء الجهاد في سبيل الله) وبعض الفصائل الصغيرة التي انضمت مؤخراً، وجميعها تتبع للجيش الحر وترفع علم الثورة وترتبط بوزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية المؤقتة وتهدف إلى إسقاط النظام وقتال تنظيم داعش.
أمّا غرفة بركان الفرات، فتشمل لواء ثوار الرقة وجيش العشائر وعدد من فصائل ريف حلب الشرقي، وجميعها ترفع علم الثورة وترتبط بهيئة الأركان ووزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة، وتدعو إلى إسقاط النظام وقتال تنظيم داعش.
تجمع ألوية الجزيرة وهو بقايا كتائب محلية من منطقة رأس العين في الحسكة، أعادت تشكيل نفسها، بينما يعدّ المجلس العسكري السرياني “السوتور”، جزء من وحدات حماية الشعب وعناصره من منطقة الحسكة وعددهم لا يتجاوز 70 شخصاً. كذلك، وحدات حماية الشعب وهي الـYPG المتحالفة مع بعض الألوية، تتلقى الدعم من عدة أطراف، بينها طرف أميركي ساعدها بشكل كبير في قتالها ضد تنظيم الدولة خلال معارك عين العرب والحسكة، كما أنّها تتلقى الدعم من النظام في الحسكة ومناطق أخرى، فهي لا تخفي تحالفها مع النظام والتنسيق الكبير بينهما، الأمر الذي يتكلم عنه النظام بشكل صريح، إضافة الى قيامه بتسليحها في مناطق عدة منها الحسكة، وارتباطها بمصالح دولية مع كل من روسيا وإيران، وهو ما يظهر عبر تصريحات قياداتها.
وحدات حماية المرأة، وهي فصيل نسائي محارب، وأحد اجنحة ypg العسكرية.
قوات الصناديد، وهي مليشيات للدفاع الوطني من عشيرة شمر بالحسكة قام النظام بتسليحها، وترتبط بمنظومة الدفاع الوطني التي قام النظام بتأسيسها لقمع التظاهرات وكنوع من عسكرة الشبيحة.
وهنا يظهر التباين بين مكونات “قوات سوريا الديمقراطية”، فقسم منها يعتبر نفسه جزء من الثورة وآخر هو جزء من جيش النظام وآخر يحمل مشاريع انفصالية، وما يجمعها هو قتال تنظيم داعش فقط، الأمر المنسجم مع الإدارة الأمريكية.
لكن تلك الأرض سوف تصبح محسوبة على جميع الأطراف في حال خروجها من يد التنظيم، فالنظام سيعتبر أن هذا الأمر انتصار له، نظراً لمشاركة قوات الصناديد ووحدات حماية الشعب، وقد يساهم بالدعم العسكري لهم، كما ستعتبر المعارضة، أنّها حققت إنجازاً لأن قوات من الجيش السوري الحر قد شاركت في تلك المعارك، كذلك بالنسبة لأميركا، التي ستنسب الانجاز لنفسها، كون هذه القوات ستعمل بصورة مباشرة وفق غرفة عمليات عسكرية يشرف عليها الأمريكان.
وتتناقض أهداف التشكيل الجديد مع ممارساته شمال الرقة حيث تمارس وحدات حماية الشعب القوة الأكبر والمهيمنة على المشهد شمالاً، أعمال تهجير جماعية ومحاولات تغيير ديموغرافي، كما تسعى لربط تلك المناطق بمناطق تواجدها وسلخها من محيطها الجغرافي، ففي شمال الرقة يظهر تمييز عرقيّ، فمعاملة العربي مختلفة كثيراً عن نظرائه الكرد، وكذلك الاعتقالات التعسفية الكبيرة في محاولة لتغيير هوية المنطقة، عبر فرض اللغة وهدم المنازل وغيرها من عشرات الانتهاكات اليومية والتي تحاول الوحدات التعتيم عليها من خلال منع اللجان الحقوقية والصحفيين من دخول المنطقة، لتوثيق ما يجري هناك، فضلاً عن وجود آلاف المعتقلين في أقبية سجونها والتي يتحدث عنها بعض المفرج عنهم، فيصفون سوء المعاملة التي زادت عن أساليب تعذيب داعش .