تشتت في صفوف «داعش» و«النصرة» بعد الدخول الروسي على خط الصراع السوري

صفارات الإنذار تدوّي باستمرار في معقل «داعش» بالرقة.. والنصرة تعرض مكافآت مالية

ينشغل تنظيما داعش وجبهة النصرة في محاولة استيعاب التطورات الأخيرة التي طرأت على المشهد السوري بعد دخول موسكو إلى حلبة الصراع في سوريا، في ظل معلومات عن تشتت يعيشه التنظيمان نظرا لاضطرارهما إلى تغيير عدد كبير من مواقع مقراتهم التي يتم نقلها حاليا إلى مناطق آمنة، بالتزامن مع إصدار تعميمات لتجنب التجمع في الأسواق أو إبراز السلاح أثناء تجول الطائرات في سماء المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

وبينما تحدثت مصادر واسعة الاطلاع في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» عن «تشتت كبير» في صفوف التنظيمين وعن تبديل مستمر للمقرات، نفت ما تردد في الأيام الماضية عن هروب أعداد كبيرة من عناصر «داعش» إلى تركيا والأردن مع انطلاق الغارات الروسية، مرجحة أن تبدأ عوائل المقاتلين الشيشان والتركستان بالتوافد إلى الأراضي التركية مع بدء العمليات التي تستهدفهم بشكل مباشر،
وهي عمليات لم تنطلق بعد. وأفادت وكالة «نوفوستي» الروسية قبل أيام بفرار ما يقارب 3 آلاف مسلح من «داعش» و«جبهة النصرة» و«جيش اليرموك» باتجاه الأراضي الأردنية، خشية من استعدادات الجيش السوري لشن حملة تحرير واسعة النطاق، ومن غارات سلاح الجو الروسي.
وأصدر تنظيما داعش والنصرة على حد سواء سلسلة تعميمات لتفادي الغارات الروسية، وهو ما أشار إليه أبو محمد الرقاوي، الناشط في تجمع «الرقة تذبح بصمت»، لافتا إلى أن «داعش» أصدر تعميما أول أعلن فيه إلغاء الصلاة في عدد
من المساجد في مدينة الرقة تفاديا لاستهدافها، كما وزّع تعميما ثانيا يدعو لإخلاء الشوارع وإخفاء السلاح وتجنب التجمع في الأسواق، خصوصا عند رصد أي طائرة في سماء المنطقة.

وقال أبو محمد الرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: «صفارات الإنذار باتت تدوي باستمرار في الرقة ويتم إطلاقها حتى عند رصد طائرة من دون طيار، كما يتبع التنظيم أساليب جديدة للتمويه من خلال قطع الكهرباء عن كامل المدينة».
وأشار أبو محمد إلى استمرار حالة التنقل الطبيعية للعناصر وعائلاتهم بين الرقة ودير الزور. وأضاف: «كما يمكن الحديث عن انشقاقات في صفوف التنظيمات بعد دخول الروس إلى خط المواجهة، إذ رصدنا حالات انشقاق لسوريين من (داعش) انضموا إلى (النصرة)، بمقابل حالات انشقاق لعناصر شيشان انشقوا من (النصرة) وانضموا إلى (داعش)».

وبدا لافتا ما أفاد به أبو محمد عن «انضمام عدد جديد من العناصر إلى تنظيم داعش الذي نجح باستخدام الدخول الروسي بإطار الدعاية لحثّ الشبان حول العالم للتعاطف معه من خلال التسويق لفكرة أن العالم كله يحاربه، فبعد التحالف
الدولي دخلت روسيا على الخط إلى جانب إيران». وأوضح الناشط في تجمع «الرقة تذبح بصمت» الذي يُتابع عن كثب أحوال تنظيمي داعش والنصرة أن الغارات الروسية أضرت بـ«النصرة» أكثر مما أضرت بـ«داعش»، لافتا إلى أنه «يمكن تبيان التشتت لدى التنظيم الأول أكثر مما يمكن ملاحظته لدى التنظيم الثاني، خصوصا أن وجود الجبهة في ريفي إدلب واللاذقية على تماس مع مناطق يوجد فيها الجنود الروس والقواعد الروسية في الساحل، بالمقابل فإن
أقرب نقطة احتكاك بين (داعش) والروس هي على 100 كلم».

وأعلنت صحيفة «التايمز» البريطانية في وقت سابق أن «(القاعدة) تعرض مكافأة لمن يأسر جنودًا روسيين». وكتب بيل ترو ومارك بينيتز قائلين إن تنظيم القاعدة في سوريا «عرض مكافأة بقيمة 14 ألف جنيه إسترليني لمن يأسر أي جندي روسي، بعدما عمد النظام السوري برئاسة الأسد، مستمدًا القوة من حليفه القوي، إلى استهداف عدة مناطق تابعة للمعارضة، بالصواريخ». وأضاف الكاتب أن «جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة أعلنت عن المكافأة في ملصقات إعلانية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، مدعية أن زعيمها الروحي وقائدها الأعلى سيوفر شخصيًا النقود عن أي روسي تقع اليد عليه». وأعق الإعلان عن المكافأة تغريدة على «تويتر» يعتقد أن مطلقها هو علي بن حمد العرجاني، الزعيم الروحي لجبهة النصرة، يؤكد المكافأة.

وأوضح أبو محمد الرقاوي أن «داعش» لم يعمد إلى تخصيص مكافآت مالية مثل «النصرة»، نظرا لواقع أن لا مناطق تماس بينه وبين الروس، بخلاف «النصرة» التي أصدرت تعميما مؤخرا يمنع تنقل سيارات العناصر بين المقرات خوفا من
استهدافها، مشيرا إلى أنّه قد تم نقل عدد من المقرات إلى أماكن آمنة يوجد بعضها في مناطق سكنية، نظرا إلى أن المؤسسات السابقة للدولة باتت أهدافا مباشرة للطيران السوري والروسي على حد سواء، باعتبار أن التنظيم كان
يستخدمها مقرات له.

وأدّى التدخل الروسي العسكري إلى سلسلة مبايعات بين كثير من فصائل المعارضة المسلحة بحلب وريفها شمال سوريا من جهة وكبرى الفصائل الإسلامية من جهة أخرى. وأفيد في الساعات الماضية بمبايعة كتائب «القدس» المقاتلة بريف حلب الغربي لـ«جبهة النصرة»، كما أعلنت كتائب «أبو عمارة» للمهام الخاصة مبايعتها وانضمامها إلى حركة «أحرار الشام» بمدينة حلب. وأوضح أبو العباس، أحد القادة الميدانيين في «جيش الفتح»، أن هذه المبايعات جاءت «بعد التدخل الروسي العسكري الأخير في سوريا وما تمليه عليهم المرحلة الراهنة من التوحد ورص الصفوف، وذلك لأن جميع هذه الفصائل أصبحت مستهدفة من قبل الطيران الروسي، وليس كما تدعيه روسيا بأنها تشن غارات جوية فقط على مواقع تنظيم داعش».

المصدر : بولا أسطيح – الشرق الأوسط

Founder of Raqqa is being slaughtered silently, journalist featured in film "City of Ghosts".