حصري – الرقة تذبح بصمت
تسيطر داعش على مساحة جغرافية بحدود واسعة مع النظام ومناطق الجيش الحر والدولة التركية, مافرض ضرورة لتنقل المدني السوري, بين تلك المناطق بحسب حاجته, إلا أنّ داعش فرض قيوداً كثيرةً عليه, بحجج مختلفة.
عندما رغبت في السفر إلى تركيا لقضاء عطلة عيد الأضحى مع عائلتي اضطررت لأخذ موافقة من المكتب الأمني التابع لتنظيم “داعش”, هكذا صرح أحد الصيادلة لمراسل “حملة الرقة تذبح بصمت”, ليكمل قائلاً: ” لأني اعمل في المجال الطبي فقد حتمت علي مهنتي وفق قوانين التنظيم, التوقيع بشكل دوري في نقابة الصيادلة, مما اجبرني على جلب موافقة أمنية للخروج من مناطق سيطرتهم “.
حيث أصدر تنظيم داعش قراراً في شهر آيار من العام الحالي, نص بموجبه على منع الأطباء من كافة الإختصاصات مغادرة أراضي سيطرته إلى الخارج, مهدداً أي طبيب يرغب بمغادرة مناطق سيطرته بمصادرة ممتلكاته, في حال المغادرة دون إذنِ منه, حيث أوضح أحد الأطباء فضل عدم ذكر اسمه : “ديوان الصحة التابع للتنظيم رفض منحه الموافقة ليستطيع الخروج من المحافظة, مهدداً أياه بمصادرة العيادة الخاصة به مع كافة محتوياتها في حال مغادرته “.
وأضاف الطبيب “يقوم التنيظم بالتضيق على الأطباء خصوصاً, لإجبارهم على القبول بالعمل في المشافي التابعة للتنظيم والتي تقوم بمعالجة مقاتلي التنظيم, فبعد هرب معظم الأطباء من مناطق سيطرته نحو تركيا أو أوربا, واعتقال عدد من الأطباء بتهمة العمل مع المنظمات الغربية, اصبحت تعاني مناطقنا من نقص حاد في الخبرات الطبية, ليبقى من بقي من الأطباء والعامليين في المجال الطبي, يعالجون المدنيين في مناطق سيطرته, كما أنّ التنظيم يعاني من نقص حاد في الأطباء الميدانيين والمقيمين في المشافي”.
هذا وقد اصدر تنظيم داعش قراراً نص بموجبه أنه يمنع على أصحاب الشاحنات الخروج من الأراضي التي يسيطر عليها, إلا بورقة من ديوان الزكاة التابع له تثبت أنه أدى الزكاة الشرعية, حيث صرح أحمد وهو سائق شاحنة للنقل بين مناطق داعش وريف ادلب : ” يوقفنا الحاجز الأخير للتنظيم والفاصل بين مناطق سيطرته وريف حلب حيث تسيطر كتائب من الجيش الحر, طالباً منا ورقة تأدية الزكاة والتي بموجبها ندفع الزكاة المفروضة من قبل التنظيم على البضاعة المحملة, وقد تصل في بعض الحالات إلى 300 دولار, و مع ارتفاع أسعار الوقود وما فرضه التنظيم علينا من زكاة, تزداد أعباء الحياة ” .
ولم تقتصر مضايقات التنظيم لفئة الأطباء وسائقي الشاحنات, فمع انتشار حواجزه داخل المدن وخارجها, والتي اصبحت تشكل رعباً حقيقاً لمن تبقى من المدنيين في مناطق سيطرته, حيث يعتبر كل مدني بنظر داعش متهماً بالعمالة ما لم يثبت خلاف ذلك, صرح أحد سكان مدينة دير الزور ابو حسين والذي يتنقل كثيراً بين مدينة الرقة ودير الزور للعلاج : ” عبور الحواجز التابعة للتنيظم اصبح يشكل لي ولجميع من أعرفهم رعباً حقيقياً, خصوصاً بعد استهداف تلك الحواجز من قبل طيران التحالف, فقد عمد التنظيم إلى التفتيش الدقيق لكل شخص, وتأخير المواطنيين على الحواجز, ناهيك عن التهم الجاهزة دائماً كالعمالة, والتدخين وتجاوز الحدود, مما سبب باعتقال العديد من الشباب دون وجه حق, حتى اصبحت اخشى المرور على تلك الحواجز حتى وان اشتد المرض بي “.
وقد انتشرت العديد من القرارات عن منع تنظيم داعش سفر النساء بالعموم خارج أراضيه, لكن التنظيم قام بتعديلها وتخفيف الضغط على المدنيين حيث يمنع النساء من السفر باتجاه مناطق النظام فقط, فيما يسمح بخروجهن نحو تركيا أو مناطق سيطرة الجيش الحر, محدداً أنه يسمح للنساء فوق عمر الـ 50 عاماً بالسفر مع محرم في الحالات المرضية, فيما منع مغادرة النساء تحت عمر الـ 50 من مغادرة اراضيه, باستثناء الحالات المرضية بعد أخذ السماح من المكتب الطبي التابع له.