حصري – الرقة تذبح بصمت
ضربت عاصفة جوية هي الأعنف منذ سنوات كلاً من سورية ولبنان والعراق، وتركزت شرقيّ سورية في مناطق عدة بينها مدينة الرقة الواقعة تحت سيطرة تنظيم “داعش”, ولم يستطع نهر الفرات على حدود الرقة والحزام الأخضر في محيطها تخفيف أثر العاصفة الغبارية التي اقتلعت الأشجار ولوثت نهر الفرات ليصبح غير صالح للشرب.
الأطفال حديثو الولادة وكبار السن أكبر المتضررين بسبب عدم تقديم التنظيم الخدمات الصحية اللازمة لهم، بينما اتضح أنّ كمية ونوعية الخدمات الصحية، التي تحدّث عنها سابقاً، اقتصرت على عناصره، ولم تشمل المدنيين، الذين أصابتهم حالات ربو واختناق، أسعفت بطرق بدائية، إلى مشافي خاصة بعيداً عنه.
“أبو موسى”، وهو طبيب في مدينة الرقة، قال لمراسل “الرقة تذبح بصمت”: “استقبلنا خلال ثلاثة أيام ما يقارب 400 حالة ربو وحساسية واختناق معظمهم من الأطفال والشيوخ، ما شكل ضغطاً كبيراً على المشفى، فطلبنا من مكتب الخدمات الطبية التابع للتنظيم المساعدة بتأمين اسطوانات الأوكسجين وكوادر طبية، إلا أنّه رفض، بحجة تخزينها لأيّ أمر طارئ قد يصيب العناصر على جبهات القتال”.
تنظيم “داعش”، كحاكم للمدينة، لم يحرّك ساكناً، للوقوف في وجه العاصفة، بل وقف عقبة أمام تصدّي الأهالي لها، فواصل قطع الكهرباء، التي تأتي مدة ساعتين يومياً في افضل الأحوال، في ظل موجة حرّ تجتاح المدينة، رغم قدرته على تزويدها بالكهرباء كامل اليوم، ما أجبر الأهالي على فتح الأبواب والنوافذ لمواجهة الحرّ وقبول العاصفة الغبارية كأفضل حلّ ممكن .
وفي ظل انقطاع الكهرباء، وتوقف محطات تصفية المياه عن العمل، تصبح المياه في المدينة غير صالحة للاستعمال نتيجة تلوثها بغبار العاصفة، بينما تنعم مقرات التنظيم بالكهرباء والماء المعقم على مدار الساعة بسبب تخصيصه مولدات كبيرة لخدمة عناصره فقط، وحتى دوريات ضبط حركة المرور التي كان التنظيم يسيّرها في الشوارع غابت مع بداية العاصفة، ما سبب وقوع ثلاثة حوادث نظراً لعدم وجود ضوابط للحركة وانعدام الرؤية الليلية والنهارية.
حياة يومية، تزداد صعوبة على المدنيين، لتكشف زيف ادعاءات التنظيم بأنّه الحلّ الأمثل والحاكم الأفضل لمدينة الرقة، وتظهر أنّ جميع خدماته هي لمن يواليه, أمّا المدنيون فهم أعداد تعيش تحت سيطرته يجمع منها المال، ويفرغ عليها إجرامه، لملء فراغ عناصره.