خاص – الرقة تذبح بصمت
استطاعت الوحدات الكردية وبعض فصائل الجيش الحر السيطرة على مناطق واسعة في الريف الشمالي لمحافظة الرقة، حيث تمكنت من انتزاع هذه المناطق من قبضة تنظيم داعش بمساعدة طيران التحالف الدولي الذي يعمل بتنسيق عال مع الفصائل التي تقاتل على الأرض.
فقد التنظيم الكثير من المقاتلين خلال هذه المعارك، كما خسر معظم التعزيزات التي كان يرسلها لمؤازرة قواته جراء استهدافها من قبل طيران التحالف. الأمر الذي جعل التنظيم يصل إلى قناعة بأن الريف الشمالي سوف يخرج عن سيطرته لا محالة، لذا فقد قرر الانسحاب باتجاه الرقة والتحصن فيها لأنه لا جدوى من البقاء والمقاومة هناك.
كل ذلك أدى إلى تغيرات كبيرة في سلوك التنظيم داخل مدينة الرقة، حيث بدأ في تعزيز الحواجز ونقاط التفتيش الطيارة في جميع أنحاء المدينة، فضلاً عن الانتشار الكثيف لعناصر الشرطة العسكرية الإسلامية لملاحقة العناصر الفارين من التنظيم.
كما عمد التنظيم إلى منع مغادرة العناصر القادمين من الولايات الأخرى، وحتى العناصر الذين يقضون إجازات عادية أو صحية وألزمهم بالبقاء داخل الرقة. وشملت هذه التغيرات استبدال بعض القادة العسكريين لدى التنظيم من أبناء المدينة بآخرين من محافظة دير الزور.
وعلى صعيد آخر، بدأ التنظيم وفي محاولة منه لتعويض النقص العددي الملحوظ نتيجة المعارك الخاسرة التي انسحب على إثرها من معظم الريف الشمالي، بدأ في اعتماد سياسة جديدة لرفد صفوفه بالمزيد من المقاتلين، من خلال دفع خطباء المساجد إلى تشجيع الشبان على حمل السلاح والقتال إلى جانب “الدولة الإسلامية”. ناهيك عن إلزام الموظفين في الوظائف الإدارية لدى التنظيم بحمل السلاح والرباط على جبهات القتال، حيث شهدت الفترة الأخيرة مقتل العديد من هؤلاء بسبب نقص الخبرة والتدريب على استخدام السلاح.
كما عمد التنظيم في ذات السياق إلى تخفيف بعض شروط الانتساب من أجل ترغيب المزيد من المدنيين بالانضمام إلى صفوفه، حيث ألغى شرط الالتحاق بالمعسكرات الشرعية والتدريبية التي كان يخوضها المنتسبين الجدد، وألغى شرط التزكية من قبل أحد عناصر التنظيم وبعض الشروط الأمنية التي كان يتطلبها في السابق، وبات الأمر يقتصر حالياً على الذهاب إلى مكاتب التنسيب وتقديم البيانات الشخصية من اجل استلام السلاح والالتحاق بجبهات القتال .
ويبدو أن التنظيم بدأ يعد العدة للمعركة المرتقبة في الرقة منذ الآن، حيث عمل خلال الأيام الماضية على استقدام العديد من العناصر من الأنبار وتكريت، البعض منهم من المقاتلين المحليين والقسم الأخر من قوات النخبة التابعة للتنظيم، بالإضافة إلى الشروع في حفر العديد من الخنادق وتجهيز المتاريس والدشم الإسمنتية من اجل تعزيز مواقعه الدفاعية في المدينة.
وجاءت هذه الخطوات في إطار محاولة التنظيم الاستفادة من أخطائه خلال الهزائم التي مني بها في مدينة تل أبيض وسائر الريف الشمالي، حيث كانت المعركة في تلك المنطقة في مساحة مفتوحة وإمكانية المقاومة فيها محدودة، خصوصاً وأن طيران التحالف قادر على استهداف أرتال التنظيم وتحركاته وحتى على مستوى الدراجات النارية في مثل تلك المساحات المكشوفة.