خاص – الرقة تذبح بصمت
وجه تنظيم داعش نداءاً يطلب فيه من المدنيين في مدينة الرقة الالتحاق بصفوفه والتوجه إلى جبهات القتال في المعارك التي يخوضها، وأعلن التنظيم أن الانضمام إلى صفوفه أصبح متاحاً ولا يحتاج للكثير من الإجراءات والتعقيدات التي كانت سائدة في السابق، حيث لا يتطلب الأمر حالياً أكثر من توجه الشخص إلى مكاتب التجنيد التابعة للتنظيم وتسجيل الاسم والبيانات الشخصية، قبل أن يتم تزويده بالسلاح وإرساله إلى جبهات القتال.
جاء هذا الكلام على لسان خطباء الجوامع الذين ينطقون بلسان حال التنظيم ويحملون رسائله التي تهدف إلى حشد الناس ودفعهم إلى حمل السلاح والجهاد، ويأتي هذا الحشد في الوقت الذي يتقاعس فيه الكثير من مهاجري التنظيم المقيمين بالرقة عن هذا الجهاد، حيث يفضلون البقاء في المدينة والتمتع بالحياة الرغيدة تاركين الموت لأبناء المدينة.
تعتبر هذه التسهيلات الجديدة استثنائيةً بالنسبة للتنظيم، حيث كان يطلب في السابق من الراغبين بالانضمام إلى صفوفه الحضور وتسجيل الاسم في مراكز الانتساب، بالإضافة إلى اصطحاب أحد العناصر من أجل تزكيته لدى التنظيم، ليصار بعدها إلى دراسة وضع المنتسب الجديد لفترة قد تطول لشهر أو أكثر، وفي حال القبول يتم نقل هؤلاء العناصر إلى المعسكرات التدريبية التي تقوم بإعدادهم من الناحيتين البدنية والنفسية، أي أن التنظيم لم يكن يقبل الشخص بمجرد تقديم طلب الانتساب، بل يتوجب عليه أن يجتاز التدقيق الأمني والعديد من الإجراءات الأخرى لكي يقبل في صفوف التنظيم.
ويأتي هذا التغيير في ظل النقص الكبير في العنصر البشري لدى التنظيم، والذي استنزف بشكل كبير جراء المعارك في عين العرب (كوباني) ومعارك تل أبيض وشمال الرقة، حيث زج التنظيم بالآلاف من أبناء المدينة وكان الموت المحتم مصيرهم. وفي سياق متصل، يبدو أن التنظيم ونتيجة تناقص الأعداد والحاجة إلى تامين مقاتلين جدد، بدأ بإجبار الموظفين المدنيين الذين كان قد عينهم في وقت سابق بوظائف إدارية على التوجه للرباط وجبهات القتال. اللافت أن معظم هؤلاء العناصر لاقوا حتفهم في المعارك بسبب عدم امتلاكهم الخبرة القتالية الكافية وعدم خضوعهم للمعسكرات التدريبية التي يجريها التنظيم بالعادة لمقاتليه، الأمر الذي دفع التنظيم لاحقاً إلى طلب تعيين موظفين إداريين جدد لتعويض النقص الحاصل في القسم الإداري.
والجدير بالذكر أن المكتب الإعلامي التابع للتنظيم كان قد بذل جهودا حثيثة في السابق من أجل تجنيد الأطفال في معارك عين العرب (كوباني)، حيث تم تجنيد العشرات من هؤلاء الأطفال والزج بقسم كبير منهم في العمليات الانتحارية. ويبدو أن التنظيم يلجأ الآن إلى نفس السياسة من خلال نصب شاشات كبيرة في الساحات العامة تعرض انتصارات التنظيم وتهدف إلى رفع من معنويات المقاتلين والأنصار، ولا سيما الأطفال الذين يتأثرون بشكل أكبر بالدعاية الإعلامية التي يتقنها التنظيم ويديرها بحرفية عالية. يبدو أن التنظيم وضع هذه التسهيلات الجديدة المتعلقة بالانتساب والانضمام إلى صفوفه لكي يرمي بالمزيد من شباب الرقة في أتون المعارك الفاشلة التي يخوضها، ولكي يعوض النقص من المقاتلين المدربين الذين قتل عدد كبير منهم في المعارك السابقة، والحفاظ على ما تبقى من المهاجرين الذين يعتبرون القوة الضاربة والنواة الصلبة لجيش الخلافة.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.