خاص – الرقة تذبح بصمت
أعلن تنظيم داعش يوم أمس بأنه يجب على كافة سكان مدينة الرقة من الكرد مراجعة ديوان العشائر خلال 24 ساعة تحت طائلة التوقيف والاعتقال للمتخلفين عن الحضور، ولدى مراجعة عدد من المواطنين الأكراد للديوان المذكور قام بإبلاغهم بأنه يتوجب عليهم النزوح من مدينة الرقة، دون أن يحدد لهم المنطقة التي يتوجب عليهم النزوح تجاهها.
ومع ساعات الليل المتأخرة بدأت العائلات الكردية التي يقطن القسم الأكبر منها في حزام الفقر المحيط بالمدينة بمنطقة رميلة شمال سكة القطار والجزرة بجمع الأمتعة والرحيل خوفا من بطش التنظيم، على الرغم من أن غالبية المواطنين الكرد بالمدينة هم من العمال والصناع، ولا علاقة لهم بالأحزاب والقوى السياسية والعسكرية التي تدير معارك الشمال، ويعيشون كما يعيش غالبية سكان الرقة في ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية.
عمليات التهجير هذه ليست الأولى من نوعها، حيث سبق للتنظيم منذ فترة ليست بالبعيدة أن قام بتهجير جميع سكان القرى الكردية بريف عين عيسى فضلاً عن نهب منازلهم وحرق محاصيلهم، مع أنهم يقطنون في أراضي التنظيم ويقومون بدفع الزكاة والضرائب، ولا علاقة لهم بالفصائل الكردية التي تقاتل التنظيم. ينظر التنظيم إلى الكرد من حيث المبدأ – وعلى لسان العديد من أمرائه – على أنهم هم محزبين وحربيين، أي يعاملون معاملة حامل السلاح، كون الغالبية العظمى منهم محزبين وتحمل فكر وأيدلوجية الأحزاب الكردية التي يملك كل منها جناح عسكري، ولذلك فلا يمكن اعتبارها أحزاباً سياسية فقط، ولقد جاء هذا الكلام على لسان “أبو حمزة النائب” في نهاية العام 2013، عندما كان يشغل منصب نائب والي الرقة، وهو حالياً يشغل منصب والي المدينة.
وقد تعرض الأكراد في وقت سابق أيضاً إلى العديد من المضايقات من قبل حركة أحرار الشام أثناء تواجدها بالرقة، كما أن أحيائهم عانت كثيراً من عمليات القصف التي كانت تشنها الفرقة 17 على المدينة، وتعرضت منازلهم للقصف والسرقة والتخريب عدة مرات. ولكن يبدو أن هذه المعاناة التي قاساها الكرد لم تشفع لهم لدى التنظيم الذي سارع إلى شن حملة ملاحقة واعتقالات مبكرة للناشطين الكرد بالرقة، وحتى قبل أن يبدأ بملاحقة بقية الناشطين من الحراك المدني في المدينة، حيث بادر التنظيم إلى إغلاق بيت الشعب الكردي وملاحقة شباب تنسيقية الكرد واتحاد الطلبة الكرد وغيرها من المراكز المدنية التي كانت تمثل الأكراد داخل الرقة.