خاص – الرقة تذبح بصمت
رامي شريف
العم أبو أحمد … شهيداً في ذمة الله
“ما يروح إلا الزين ويضل الشين”, كلمات اسمعها من والدتي بعد استشهاد كل رفيق لي دائماً, تتبعها أختي مرددة بحسرة قلب: ” يا نجمة الصبح فوق الشام عليتي, الأجواد أخذتي والأنذال خليتي”.
محمد الموسى “أبو أحمد” كما يعرفه الجميع, الرجل الخمسيني اللطيف بروح الشباب, شهيداً جميلاً على أيدي المارقين حيث وزرت وازة وزر أخرى في شرعهم … ولد العم أبو أحمد في عام 1966م في محافظة الرقة, أتم تعليمه الثانوي من مدرسة عمر بن الخطاب في المدينة اليتيمة من أبنائها, عمل موظفاُ في المركز الثقافي, اعرفه منذ منتصف الثورة السورية, كان منزله الصغير في شارع الوادي مقراً لغالبية شباب الحراك السلمي, حيث يكون الجمع فيه قبل انطلاق المظاهرات, عائدين إليه بزخم الفرح لنشاهده دائماً وهو يبتسم لروح استيقظت فينا, يداه التي أكلت التجاعيد منهما سنداً لنا في كل شئ, اذكر ذات ثورة عندما توقفت البلدية في مدينة الرقة عن العمل, اطلقنا حملة لتنظيف الشوارع باسم “جنة يا رقتنا”, كان العم أبو أحمد يسير معنا يرشدنا كأي فرد منا, وهو يضحك مبتسماً, لم يتوقف بتوقفنا, استمر في حث جيرانه على تنظيف الحي كل أسبوع, وعندما انقطع الطحين عن المدينة كان يقوم بتأمين الخبز لكل من يطلب رغيف, كانت نخوته تجبره على التخلي عن رغيف عائلته فلا خير فيه لو نام جاره جائعاً هكذا كان رأيه.
كان ذنبه الوحيد أنّ ابناءه قد خرجوا عن الظلم محطمين قوقعة تنظيم داعش, ثائرين .. متظاهرين .. مصوريين ظلم التنظيم وكان ذنبه الوحيد أن ابنه ينتمي لمجموعة ” الرقة تذبح بصمت “, ليحاول من يظلقون على أنفسهم “دولة الإسلام” كم أفواههم بأي طريق, فلم يجدوا ما هو مؤلم أكثر من أعدام العم أبو أحمد بعد 77 يوماً من الاعتقال, نقل أحد المعتقلين في النقطة الامنية أو كما يطلق عليها تنظيم داعش اسم النقطة 11 بعد خروجه: ” أن العم أبو أحمد مازال على قيد الحياة لكن صحته في تدهور, فالتنظيم يقوم بتعذيبه ويمنع عنه العلاج والطعام”, إلى أن تم إعدامه ناسياً قول الله :”ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا”.
طوبى لك يا أبا أحمد, نحسبك شهيداً عند الله.