خاص – الرقة تذبح بصمت
تتميز محافظة الرقة بموقعها على ضفاف نهر الفرات الذي يعتبر المصدر الرئيسي لمياه الشرب في جميع أنحاء المحافظة، ظلت مدينة الرقة وعموم المنطقة الشمالية في سوريا تعتمد على نهر الفرات في تأمين احتياجاتها من المياه طيلة عقود، لكن بدأت تظهر في الآونة الأخيرة العديد من الحالات المرضية المرتبطة بمياه الشرب الملوثة، ولم تعد هذه الحالات مقتصرةً على الأطفال بل باتت تنتشر لدى مختلف الفئات العمرية في المحافظة.
ولدى سؤال مراسل “الرقة تذبح بصمت” لأحد العاملين في المجال الطبي أجاب مشترطاً عدم الكشف هويته: “ازدادت في الآونة الأخيرة أمراض الإسهال والزحار وأمراض الكلى وغيرها من الأمراض المرتبطة بتلوث مياه الشرب، حيث أصبحت المياه مصدراً للكثير من الجراثيم والعوامل المسببة لهذه الأمراض، في ظل غياب أي نوع من أنواع التعقيم للمياه المنزلية التي يستعملها معظم سكان المحافظة. ونخشى مع اقتراب الصيف وتزايد استهلاك المياه من تفاقم هذه الحالات وتحولها إلى ما يشبه الوباء، ويتركز الخوف الأكبر على الأطفال بسبب ضعف جهازهم المناعي وعدم قدرتهم على مقاومة مثل هذه الأمراض.”
توجهنا بالسؤال إلى أحد العاملين بمحطات التصفية التي يشرف التنظيم على إدارتها، فأجابنا : “نقوم بتجميع المياه في أحواض كبيرة بعد استجرارها من الآبار الارتشاحية، ومن ثم تبدأ عملية التنقية والتعقيم عبر معالجة هذه المياه بمادة الكلور. تحتاج هذه الآبار والأحواض إلى عمليات صيانة وتنظيف بين الحين والآخر، ولكن التنظيم لم يقم بهذه المهمة منذ أن فرض سيطرته على المحافظة. ومن جهة أخرى فقد توقفت عمليات معالجة المياه وتعقيمها بسبب إغلاق التنظيم لمنظمة الهلال الأحمر التي كانت تؤمن مادة الكلور لمحطات التصفية، ونتيجة لذلك فقد أصبحت المياه التي تصل إلى المنازل مصدر خطر على الأهالي كونها لم تخضع لأي عملية تعقيم أو تنقية.”
وبالرغم من أن التنظيم لا يقوم بأي جهد لتعقيم المياه أو معالجتها، فإنه يعجز كذلك عن تأمين هذه المياه في جميع أنحاء المحافظة، حيث تعاني القرى والبلدات في ريف الرقة الشمالي من شح المياه وانقطاعها بشكل مستمر، ويضطر الأهالي في هذه المناطق إلى تأمين المياه عن طريق شرائها بسعر 300 ل.س مقابل البرميل الواحد.
وبعيداً عن هذه المعاناة التي لم يبدِ التنظيم أي اهتمام لمعالجتها أو الحد من مخاطرها على الأهالي، فإن عناصره لا يبالون أيضاً بهذه المشكلة ولا يعانون منها لأنهم يعتمدون على شراء المياه المعدنية مهما كان ثمنها، بينما يترك السكان لمواجهة مصيرهم دون تلقي أي مساعدة في هذا المجال، وتستمر معاناتهم في تأمين المياه الصالحة للشرب دون أن يكونوا معرضين لخطر الإصابة بالأمراض الناتجة عن غياب التعقيم للمياه التي يشربونها.