خاص – الرقة تذبح بصمت
سعى تنظيم داعش إلى إنشاء ديوان للأحوال الشخصية ليقوم بعمل أمانة السجل المدني او دائرة النفوس، كتوثيق حالات الزواج والطلاق وتسجيل المواليد الجدد وإصدار بطاقات الهوية والبطاقات العائلية، حاول التنظيم تفعيل عمل هذا الديوان وإجبار المواطنين على مراجعته والتعامل معه عن طريق مجموعة من الإجراءات، مثل التشديد على حركة المدنيين والتحقق من ثبوتياتهم الشخصية عند كل نقطة تفتيش، مما تسبب في معاناة حقيقية لقسم كبير من المدنيين الذين لا يحملون أي إثباتات شخصية، نتيجةً لضياعها أو تلفها وعدم القدرة على استبدالها بسبب توقف دائرة النفوس عن العمل منذ ما يقارب العامين.
يقوم التنظيم بتوقيف الأشخاص الذين لا يحملون هذه الإثباتات، وقد يطلب في بعض الأحيان قدوم شخص آخر للتعريف بهويتهم، وعندها يطلب من الموقوف مراجعة ديوان الأحوال الشخصية لاستصدار الأوراق الثبوتية، وإلا فلن يسمح له بالتنقل بحرية وسيكون عرضة للتوقيف والمسائلة على حواجز التنظيم من جديد.
أرغمت هذه الإجراءات التي اتبعها التنظيم شريحة من المدنيين على مراجعة ديوان الأحوال الشخصية من أجل الحصول على البطاقات الشخصية التي يصدرها، من أجل تجنب التوقيف على الحواجز وتدبر أمورهم اليومية بعيدا عن المضايقات التي يتعرضون لها من قبل عناصر التنظيم.
أبو خالد، أحد المواطنين في مدينة الرقة قال لمراسل “الرقة تذبح بصمت”: “كنت أضطر إلى سلوك طرق فرعية من أجل تجنب التوقيف والاحتجاز الذي تعرضت له أكثر من مرة على حواجز التنظيم، كما أنني استخدمت هوية مزورة في وقت لاحق ولكن الأمر لم يفلح لأن التنظيم بات يدقق بشكل كبير على الهويات، مما أجبرني في نهاية المطاف على مراجعة الديوان واستصدار هوية تخولني التحرك بحرية بين الريف والمدينة.”
ومن الجدير بالذكر أن التنظيم يقوم بإصدار الهويات للنساء دون وضع صورهن الشخصية عليها، بحجة أن صورة المرأة “عورة” وأنه لا يجوز وضعها على الهوية لكي لا يراها العامة.
وفي هذا السياق، قالت لنا أحد النسوة التي فضلت عدم الكشف عن اسمها: “أنا وأخواتي الثلاث نتنقل يومياً من المدينة إلى الريف القريب من أجل العمل في الأراضي الزراعية، الأمر الذي يتسبب لنا بمعاناة كبيرة مع حواجز التنظيم، كوننا لا نملك هويات شخصية، بسبب تعرض منزلنا للقصف واحتراق جميع محتوياته، حيث يطلب منا عناصر التنظيم الترجل من السيارة والعودة إلى المدينة لمراجعة ديوان الأحوال الشخصية، وعند مراجعتنا للديوان لم يقبل الموظفون وضع صورنا الشخصية على الهويات بذريعة أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف عن وجهها.”
ويذكر أن الديوان عمل في وقت سابق على إصدار هويات شخصية لمقاتليه كخطوة أولى، قبل أن يعمد إلى إصدار هذه الهويات للمدنيين، تحتوي الهوية على معلومات كالاسم والكنية وتاريخ الولادة ومكان الإقامة وزمرة الدم.
ولكن الجدير بالملاحظة أن التنظيم اعتمد التقويم الميلادي لتسجيل تاريخ الولادة، بينما اعتمد التقويم الهجري لتوثيق تاريخ التسجيل والمنح، كما أن التنظيم حرص أيضا على وضع الخانة في خطوة مشابهة لعمل سجل الأحوال الشخصية لدى النظام سابقاً.
ويتطلب الحصول على الهوية الشخصية فترة قد تزيد عن الشهرين على الرغم من عدم وجود كثافة في التسجيل على تلك الهويات، ولكن يبدو أن التنظيم يعمل بصورة أساسية على الانتهاء من هويات مقاتليه بالدرجة الأولى.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.