خاص – الرقة تذبح بصمت
عانى قطاع الكهرباء في مدينة الرقة السورية مثل باقي القطاعات الخدمية من عمليات سرقة الآليات وقطع الغيار وتوقف صيانة الشبكات، وبسبب صعوبة توفير هذه المعدات فقد أصبح أي عطل في الشبكة او محطات التحويل بمثابة كارثة، على الرغم من الجهود الجبارة التي يبذلها موظفو قطاع الكهرباء عبر الإمكانيات المتاحة، علما أنّ النظام أوقف رواتب معظم هؤلاء العاملين، حيث تمكن عمال الصيانة في مديرية الكهرباء من إصلاح الأضرار التي نتجت عن قصف النظام لمحطة التحويل بمنطقة الفروسية في ١٥ نيسان ٢٠١٣ خلال بضعة أيام.
بعد سيطرة تنظيم “داعش” على المحافظة بداية عام 2014، بدأ بإدارة ملف الكهرباء في المدينة، حيث قام بتعيين “أمير” للكهرباء وتعيين موظفين جدد، وبالطبع فقد اعتمد التنظيم معيار “الولاء” في هذه التعيينات بدلا من الاختصاص.
سد الفرات :
يحكم تنظيم “داعش” قبضته الأمنية على السد بشكل كبير، مما جعل التحدث إلى أحد العاملين بالسد أمراً صعبا جدا نتيجة الخوف من العقاب الذي قد يطالهم، ولكن حملة “الرقة تذبح بصمت” استطاعت التواصل مع أحد الفنيين العاملين في السد الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، تحدث قائلاً : “يصل إنتاج السد من الطاقة الكهربائية إلى 1000 ميغا واط، وهذه الكمية يمكن أن تغطي مناطق الشمال الشرقي السوري بالكامل بالإضافة إلى جزء من المنطقة الوسطى. تعتمد كل من محافظتي الحسكة ودير الزور في تأمين الكهرباء على السد بشكل أساسي، أما ريف حلب الشرقي فيمكن ربطه بالمحطة الحرارية في حلب، وفي الرقة فإن واقع الكهرباء والتقنين الذي يصل إلى 22 ساعة يومياً غير مبرر من الناحية التقنية، لأن حاجة المحافظة لا تتجاوز 120 ميغا واط في أقصى أوقات الذروة.”
تابع قائلاً: “إن العشوائية والفساد في إدارة السد وعدم الاهتمام بروافد البحيرة بالشكل التقني الصحيح، واستجرار أقنية من البحيرة لري أراضي أملاك الدولة التي سيطر عليها بعض المتنفذون في التنظيم، أدى إلى انخفاض منسوب المياه في السد مما أثر بشكل سلبي على توليد الطاقة فيه، ولكن نسبة هذا التأثير لا تتجاوز 20% أي أن السد ما زال يعمل بحدود 75 إلى 80% من طاقته الإنتاجية.”
أين تذهب الكهرباء ؟
يقول ” عماد ” أحد العاملين في مديرية الكهرباء: “لست أدري، اسألوا أمير الكهرباء أبو عبد الله المصري ، ولكن تحسن الكهرباء في مدينتي الحسكة وحماه اللتين يسيطر عليهما النظام، كفيل بالإجابة على سؤالكم، فقد تراجعت ساعات التقنين اليومية في الحسكة من 17 ساعة إلى ساعتين فقط.”
محطة حلب الحرارية :
تخضع المحطة الحرارية بحلب لسلطة تنظيم داعش، وقد بقيت فترة طويلة متوقفة عن العمل إلى أن تم الاتفاق على إعادة تشغيلها بعد مفاوضات مع النظام، وقد تضمن الاتفاق حصول النظام على نسبة 40% والتنظيم على نسبة 60 % من إنتاج المحطة ، ولكن وضع الكهرباء في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم لم يتحسن رغم توفر الكهرباء، حيث عمد التنظيم إلى بيع حصته من المحطة إلى النظام مجدداً، أي أن الكهرباء التي تولدها محطة حلب الحرارية تذهب بالكامل للنظام السوري !
الأمبيرات :
يعتمد سكان الرقة لتأمين الكهرباء على مولدات كبيرة تعمل على الديزل، يتم وضعها في كل حي من قبل مستثمر يدفع للتنظيم ضريبة مقابل تشغيلها، تبلغ تكلفة الاشتراك بالأمبير الواحد 400 ليرة سورية أسبوعياً، ويحتاج البيت إلى 5 أمبير أي ما يعادل 8000 ليرة شهرياً، مقابل خدمة تشغيل لا تتجاوز 9 ساعات في اليوم، ويتحمل الأهالي بالإضافة إلى التكلفة المادية خطر احتراق هذه المولدات أو انفجارها خاصة مع غياب أي تدابير تتعلق بالأمان، عدا عن الضجيج والغازات المنبعثة منها.
استثمار :
تنبه التنظيم مؤخراً إلى أهمية قطاع الكهرباء، حيث وجد في مولدات الأمبيرات استثمارا ناجحاً ومصدراً جديداً للتمويل، حيث يجني مبالغ طائلة من الضرائب التي يفرضها على مستثمري هذه المولدات، ويقوم بتسويق النفط الذي يستخرجه من حقول دير الزور، كما أعلن أنه بصدد تشغيل مولدات أكبر حجماً وبسعر أقل، وينوي بيع الكهرباء بسعر 6000 ليرة شهرياً لكل 5 أمبير !