خاص – الرقة تذبح بصمت
حرب جندت كل من حولها , وجعلتهم حطب لتستعر نارها , طرفان تنازعا فيما بينهما لصنع متطرف صغير سيمتد مع الأيام , نظام لوث صفو السماء بطيارته , وتنظيم صبغ مدينتهم بالسواد , باتت مدارسهم بين مدمر بصواريخ الأسد , أو مقراً لأتباع الخليفة , أطفال كباقي الأطفال الذين خضعوا لظروف الحرب , باتوا يرون أشخاص يدعون الخلود والأسطورة , مشابهين لألعاب الفيديو والأفلام التي يشاهدونها كل يوم , هذا الأمر الذي استغله التنظيم وأوهمهم أنهم إذ ما انضموا سيكونون أحد أبطال العصر , فلم يعد هنالك داع لتجربة ألعاب الفيديو فهو قادر على تطبيقها بأرض الواقع , دون إخباره أن الدم الذي سينزف منه سيقتله ولن يستطيع البدء من جديد , دون أخباره أن الدموع التي ستنهمر عليه مالحة ولن تتوقف بإطفاء اللعبة .
واقع حرف أعين الجميع والاطفال تحديداً ليروه من منظورهم الخاص , بيت مدمر وسواد يلتحف الجميع ورفاق حي باتت الإصابات علامة مميزة لهم , وعائلة صب الزمان عليها كل أنواع عذابه ليكون الجوع أخرها , فقرر المضي بطريق مر يلتمس منه الحلاوة لمن حوله , طريق في ظل خليفة قد يدعي الألوهية مع الوقت , خليفة له يد تصل لعنق كل من يطالب بالحرية , وتعجز عن حماية طفل من براميل النظام , خليفة يعد المدنيين بصك عملة وتطوير اقتصادي وانشاء دولة تحارب العالم , ويعجز عن توفير رغيف خبز لطفل يأن من الجوع .
اسباب عدة دفعت رجال الخليفة لإنشاء معسكرات تدريب للأطفال لتتدارك صحوتهم وتغسل أدمغتهم قبل أن ينقلبوا على الخليفة وتعود نسائم الحرية تداعب أذهانهم , فجندوا 400 طفل بمعسكرات اجبارية وجعلوا منهم قنابل موقوتة بيد البغدادي , ليتطور الأمر إلى مرحلة غسل الأدمغة في المساجد مستخدمين الترغيب والترهيب مستهدفين الاطفال من ابناء الطبقة المسحوقة الفقيرة إلى جانب الأيتام الذين لا يجدون راع لهم , واقناعهم بالانضمام لأشبال الخلافة ” كما يسمونها” بعد اغراءهم بالرواتب والعيش الرغيد والبطولات الكرتونية التي سيعيشونها .
يروي أحد الآباء لمراسل الرقة تذبح بصمت من الذين انضم ولده ذو الرابعة عشر عاماً للتنظيم : غاب ابني عن البيت دون سبب ولم استطع ايجاده في المدينة بعد بحث استغرق اكثر من اسبوع , ليخبرني عناصر التنظيم أنه ألتحق بمعسكرات التنظيم , وعندما طلبت منهم اعادته : قالوا لي ” انك لن تستطيع استرداد ابنك لأنه يتبع معسكراً واسمه السمع والطاعة و من يغادر التنظيم بعد اتباع هذا المعسكر يعتبر مرتداً ويطبق عليه حد الردة وهو القتل ” , ولم أعد أعرف هل أعيده الآن مقتولاً أم أنتظر أن يفجره الأمير لتحقيق مآربه .
شخص أخر يضيف قصة مشابهة عن أخويه اللذان تكفل برعايتهما بعد وفاة والده وأمه , الطفلان ( 14 سنة و 16 سنة ) غادرا المنزل بشكل مفاجئ , لتخبره زوجته بأنهما أخبراها بنيتهما الالتحاق بمعسكر شرعي والانضمام للتنظيم و قد قالت زوجتي بأن شخصاً ملتحياً كان يتردد عليهما يوميا ولمدة أسبوع ويصحبهما إلى مسجد الشهداء , حيث استطاع تجنيدهم مع أكثر من 20 طفلا من حي الشهداء تم أخذهم إلى معسكرات ليلتحقوا بعدها بالتنظيم ويصبحوا أشبالاً في حضانة السمع والطاعة .