خاص – الرقة تذبح بصمت
” الرقة مالها بجايات ” باللهجة الرقاوية ، تعبير لا يفهمه الكثير ولا يعرفه إلا من عاش فيها وشرب من مائها .
بعد عقود من ظلم وتهميش عصابة الأسد لهذه المدينة واهلها ، استطاعت ان تنال حريتها وتذوق أهلها طعم الحرية ، وبعد شهور قليلة توالت الرايات بكثرة ألوانها واختلاف اصحابها على حكم ذلك البلد الى ان اكتسحها السواد .
سواد حَرَم اهلها فيه من أبسط حقوقهم بسبب التضييق الذي يمارسه جنود البغدادي على من يرغب بالسفر بحثاً عن راتبه والذي يتعبر مصدره الوحيد لاطعام عائلته , استطاع تنظيم داعش بعد حرب أسماها بحرب الردة بأن يجعل من الرقة حصناً منيعاً له والمنتجع المثالي للمصابين من مقاتليه في كل الجبهات والمكان الأفضل لتحكيم شريعتهم الذين يدعون أنها إسلامية والاسلام بريء مما يدعون .
في حوار عفوي مع صديق في المدينة يقول مراسل الرقة تذبح بصمت ، تحدثنا عن حال المدينة وأهلها و عن تزايد التضييق الذي يمارسه عليهم التنظيم للوصول إلى ما يريد , ففي الرقة اما ان تكون عنصراً للتنظيم او انت ممن حكم عليهم بالموت البطيء , فالمشفى الوطني او مشفى الرقة العام كما يسمونه أصبح مخصصا لهم وليس لنا ” القاعدون عن الجهاد ” فإن كنت بحاجة لعمل جراحي اذهب الى مشفى خاص وان اردت الذهاب إلى مناطق النظام فالواجب اصدار موافقة من الحسبة للسفر وخصوصاً اذا كان المريض أنثى والموافقة لا تصدر إلا للنساء ما بعد الأربعين من العمر ، والويل لمن اعترض .
وعن التعليم فقد أغلقت المدارس ولمن أراد العلم فليتعلم العلم الشرعي فقط والمضحك المبكي انه ارسل ولده للتعلم في أحد مساجد الحي الذي يقطن فيه فطرده الشيخ فالطفل لا يعرف القراءة و ” الشيخ ” ليس مكلفاً بتعليمه القراءة والكتابة ، ولا عجب أن يربي التنظيم جيلاً أمياً ليسهل عليه قيادتهم كقطعان الماشية فطلاب الشهادات الاعدادية والثانوية ممنوعين من مغادرة المدينة إلى بلاد الكفر والمحظوظ من استطاع الهرب بأولاده .
أما بالنسبة لطلاب الجامعات فقد قام عناصر التنظيم وخصوصاً على الحواجز باحراق دفاتر الخدمة الالزامية لكل من يحملها ضامنين عدم عودتهم للدراسة في مناطق النظام .
أما عن الضرائب التي يأخذونها من الناس والبيوت التي تصادر بحجة أن أصحابها عملاء أو مرتدين أو بكل بساطة بحجة أن أهلها هجروها ، وطبعاً الفتاوى جاهزة.
من تبقى من أهل المدينة اليوم عليهم ان يزينوا كلامهم وينتقوه بعناية لأن أصغر غلطة عندهم ثمنها ليس برخيص فمن يدخل معتقلاتهم مفقود ومن يخرج منها مولود , في نهاية حوارنا طلب مني الانتظار لكي يحذف حوارنا ، لأنه يتوقع أن يتم اعتقاله بأية لحظة فمن ينتظر أخطاء المدنيين في الرقة كثر .