يطل اليوم رأس السنة الميلادية على محافظة الرقة مودعاً عام مرت به المحافظة بواحدة من أكبر النكبات التي تعرضت لها بمسيرتها الثورية ، بلوحات لن يستطع غبار الزمن إخفاءها ولن يغفر التاريخ لمن أراد طمس معالمها ، رغم الجراح والألم والقيد الدامي مازالت مدينة الرقة على قيد الحياة ، فجرح الرقة جرح شعب مازال يجمع أشلاءه ، جرح أرض تذبح بصمت .
ففي اليوم الذي يحتفل فيه العالم بعامٍ جديد يودّع أهالي الرقة عامهم الأكثر دموية بمجزرة مروّعة ارتكبتها قوات الأسد جراء الغارة التي شنها طيران النظام بالقرب من مبنى التأمينات الاجتماعية ، حيث صبت طائرات الأسد حمم نقمها على بناء سكني يقطنه المدنيون فقط ، ليرتقي سبعة شهداء وأكثر من 40 جريحاً موزعين على مشافي المدينة .
أشلاء مبعثرة هنا و هناك اختلطت ببعضها البعض ، وبعضها تحول الى رماد ، قصف جنوني همجي تعرضت له المدينة ، بعد ظن الأهالي أن مثل هذا اليوم سيمر بسلام ، لكنهم لم يدركوا بأن نظام الأسد لم يعدم الوسيلة في قتلهم و سفك دمائهم في آخر أيام السنة ، ليختم العام الدامي بيوم دموي .
محافظة الرقة التي كانت تكتسو بالأضواء والاحتفالات ، تكتسي اليوم ثوبها الأسود حداداً على أرواح أبنائها ، الذين باتوا بين مشرد ومهجر ومعتقل وشهيد ، اختلف جلادهم لكنهم مازالوا الضحية ، تنوعت أداة الجريمة ولكن الدم واحد ، دم شعب جل ما أراده العيش بحرية بعيداً عن القبضة الأمنية ، لتأتي قبضة داعش على الأرض وقيد الأسد بالسماء ، وكل منهما يحاول سفك أكبر عدد من الدماء .
لم يخلو شارع من مظاهر الاحتفال بهذا العيد من قبل ، لم يكن الاحتفال محصوراً على المسيحين ، فالفرح للجميع كما الحزن اليوم بات للجميع ، لم يعد هم المسيحي اليوم في الرقة أن يزين شجرة او يقرع جرساً ، لكنه يفكر كيف بإمكانه إيجاد قبر يضم أشلاء جسد أخيه المسلم .
فالشارع اليوم الذي تم استهدافه ، هو ذات الشارع الذي كان يعج بالقبعات الحمراء والأضواء الملونة والزينة والأصوات الصاخبة ، لكنه اليوم عج بدماء الشهداء وصوت انين الجرحى ، فهم يعلمون اليوم إن نجوا من صواريخ الأسد فهل سينجو من سكينة داعش .
عام مر على محافظة الرقة حمل معه الكثير من الألم والجرح النازف ، عام مر على المحافظة وهي تذبح بصمت أمام أعين الجميع ، ولكن الجميع اليوم يحمل أمل بعامٍ أفضل ، وإن لم يكن أفضل فلعله يكون أقل دموية من سابقه .
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.