حصري – الرقة تذبح بصمت
تستمر علاقة المحاباة بين نظام الأسد وتنظيم داعش على الأرض , والحرب الإعلامية على القنوات وصفحات التواصل الاجتماعي , لإيهام المتلقي بكره الأثنان لبعضهما , إلا أن افعالهما لا تعكس ذلك , بل تثبت علاقة وطيدة بين طرفي إجرام يسفكان دم الشعب السوري بشتى الوسائل .
حيث تم خلال الايام الماضية اتفاق بين داعش من جهة ونظام بشار الاسد من جهة اخرى لتأمين عبور شاحنات من الحبوب من مناطق سيطرة النظام بالحسكة باتجاه طرطوس مروراً بالمناطق المسيطر عليها من قبل التنظيم , حيث تم بتاريخ 09/03/2015 رصد مرور ما يقارب 300 قاطرة مقطورة محملة بمادة القمح قادمة من محافظة الحسكة تم دخولها الى محافظة الرقة لتتجه تلك القاطرات الى مطحنة الرشيد بالرقة حيث يتم هنالك وزن تلك القاطرات لاقتطاع النسبة المتفق عليها ما بين النظام والتنظيم وهي 25% من حمولة كل قاطرة , وتستطيع القاطرة المقطورة الواحد حمل قرابة 50 طن من القمح وبالتالي فان اجمالي الحبوب التي مرت ما يقارب 15000 طن من مادة القمح حصة التنظيم منها 3750 طن من القمح ,وبعد عمليات الوزن والتفريغ توجهت تلك القاطرات الى ريف حمص الشرقي ومن ثم تتوجه منه الى الساحل السوري وتحديداً مدينة ” طرطوس ” .
وتشهد محافظة الرقة حالياً افراغ لصوامع الحبوب الواقعة بالمنطقة الشمالية بالكامل والتي تحوي الاف الاطنان من القمح حيث يتم نقل القمح ليلاً من صوامع الحبوب والبالغ عددها اكثر من 10 صوامع بالمنطقة الشمالية الى مركز مدينة الرقة والوحدة الاساسية للتخزين بالرقة المدينة وقد علم مراسل الرقة تذبح بصمت عن عمليات نقل كميات من تلك الحبوب وبشكل دائم من الرقة باتجاه العراق .
وخلال مواسم الحصاد الماضية ادار التنظيم الظهر للمزارعين لبيع محاصيلهم في مناطق سيطرة النظام لُيرجح وجود اتفاق بهذا الموضوع ما بين النظام والتنظيم حيث سهل التنظيم بيع تلك المحاصيل ومحاصيل اخرى من قطن وذرة صفراء ومحاصيل زراعية أخرى إلى مناطق سيطرة النظام التي استقبلت تلك الشاحنات من خلال عمل الوحدة الارشادية التي لايزال قسم من العاملين بها يعملوا على تنظيم الدورات الزراعية وتسويق الانتاج وكذلك عمليات الري عن طريق المؤسسة العامة للري .
وقد سيطر التنظيم على قسم من صوامع الحبوب الموجودة بالمحافظة حتى قبل سيطرته على المحافظة بالكامل ثم تسنى له السيطرة على كامل المحافظة بما فيها صوامع الحبوب المنتشرة بالمحافظة والتي حافظت على ما فيها ولم تتم عمليات بيع كبيرة لتلك الحبوب الا في حالات نادرة بنسبة لا تتجاوز ال5% من كميات الحبوب الموجودة فيها سابقاً والتي كانت تعتبر مصدر التمويل من اجل العمليات العسكرية لبعض الفصائل وكانت عمليات البيع تجرى مع مناطق سيطرة الجيش الحر بريف ادلب وحلب , حيث كان تباع تلك الاقماح بأسعار رمزية بسبب عوز تلك المناطق للطحين .
وتعاني الرقة ومنذ سيطرة التنظيم على المحافظة من عجز بمادة الطحين حيث كان استهلاك المدينة للطحين بشكل يومي ما يقارب 570 طن يوميا , واستهلاك المدينة وحدها ما يقارب 250 طن من مادة الطحين وكان عدد الافران بالمحافظة 49 فرن تعمل بشكل يومي لتأمين حاجة المحافظة من مادة الخبز التي تعتبر القوت الأساسي لمعيشة الاهالي , لكن هذه الارقام انخفضت في ظل سيطرة التنظيم إلى 120 طن من الطحين فقط مما خفض من عدد الأفران التي تعمل حاليا الى 31 فرن فقط وانخفاض في انتاج الافران بسبب نقص الطحين .
لكن الانخفاض لم يشمل سعر رغيف الخبز الذي قفز من 4.5 ل.س – خلال فترة سيطرة الحر والفصائل الاخرى بداية التحرير- إلى 8 ل.س واخيراً وصل سعر رغيف الخبز الواحد لــ12.5 ل.س للرغيف الواحد بشكل تدريجي , كما بلغ سعره في ريف الرقة الشمالي 20 ل.س الأمر الذي يعتبر خارج نطاق وقدر تحمل الكثير من العائلات التي تعاني من حالة مزرية من الفقر والحاجة , مما دفع سكان الارياف بالعودة الى خبز الخبز بأنفسهم , كما عمل الفلاحون على رفع قسم من محاصيلهم من اجل طحنه لتأمين مادة الخبز لعائلاتهم لأسباب شتى منها :
- ارتفاع سعر الخبز الى حد لا تتحمله العائلات بالريف .
- ازمة الافران حيث يضطر الشخص الى الوقوف ساعات طويلة امام الافران من اجل تامين الخبز .
- ارتفاع اسعار المحروقات وتكاليف الذهاب والاياب من المدينة .
هذا ويعاني الريف كما تعاني المدينة ايضا من حالة من الفقر لأسباب خاصة بمصادر رزقهم ومنها :
- خروج مساحات كبيرة من الاراضي خارج الاستثمار بسبب الاعطال التي تعانيها شبكات الري ومحطاته
- عدم وجود جدوى اقتصادية لزراعة مساحات كبيرة تعتمد على المحركات لسقاية الاراضي في ظل ارتفاع اسعار المحروقات .
- ارتفاع اسعار المواد الزراعية من سماد وبذور ومبيدات والتي تنعكس على الجدوى الاقتصادية من عملية الزراعة .
- صعوبة تسويق المنتجات ونقلها الى مناطق سيطرت النظام .
- انخفاض اسعار اللحوم والماشية والخسائر الكبيرة اتي يعاني منها اصحاب المهن المرتبطة بتربية المواشي من غلاء بالأعلاف وعدم تقديم الدعم لهم وصعوبة التنقل لأجل الرعي والغلاء المرتبط بالأدوية واللقاحات الخاصة بتلك الثورة الحيوانية .
ويقدر انتاج الرقة من مادة القمح سنوياً بــ 570 الف طن وانخفض هذا الرقم خلال الحرب وللعوامل السابقة إلى النصف تقريبا واستطاع النظام شراء كميات كبيرة من تلك المحاصيل في عام 2014 حيث تم تسجيل شراء كميات من محاصيل الرقة .
وتقدر كميات القمح التي كانت موجودة اثناء سيطرة الفصائل على المحافظة بقرابة 600 الف طن من القمح , وتحتاج المدينة الى ما يقارب 180 الف طن للطحين وبالتالي المخزون الذي كان موجوداً يكفي الرقة لقرابة ثلاث سنوات ونصف في حال تركه أي يكفي الرقة حتى تاريخ ايلول 2016 في حال بقي استهلاك المحافظة على ما كان عليه .
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.