حاز التعليم على مكانة خاصة في الرقة بعد سيطرة الثوار عليها بشكل كامل , حيث تم إنشاء مديرية التربية الحرة و نقابة المعلمين الأحرار اللتان كان لهما دور كبير لتسيير أمور التعليم في المحافظة و تأمين مستلزمات العملية التدريسية من كتب و تجهيز المدارس و غيرها من الأمور كإعداد المناهج و متابعة المدرسين و الإشراف على امتحان الشهادتين الإعدادية و الثانوية .
ولكن الحال لم يدم طويلاً فبعد إحتلال تنظيم ” داعش ” للمدينة في بداية عام 2014 قام بفرض قوانينه الخاصة وإغلاق المدارس لفترة طويلة وإغلاق الجامعة نهائياً .
المعلمة (ن . م ) تقول : بدأ الطلاب بالعودة لمدارسهم بعد خروج المحافظة عن سيطرة نظام الأسد , كانت العملية التدريسية تسير بشكل طبيعي و عاد أغلب المعلمين و المدرسين إلى مدارسهم و تابعت مديرية التربية عمل جميع المدراس من حيث الخطط و المناهج و توزيع المدرسين و الطلاب حسب الامكانيات المتاحة .
أما بعد سيطرة ” داعش ” بدأت القرارات و التعليمات تصدر بشكل عشوائي وسريع , أحد القرارت إلغاء بعض المواد التدريسية من المناهج و استبدالها بمواد أخرى حيث كان نص القرار :
” تلغى من المناهج الدراسية المواد التالية بشكل نهائي (التربية الفنية الموسيقية، التربية الوطنية، دراسات اجتماعية، التاريخ، التربية الفنية التشكيلية، الرياضة، قضايا فلسفية واجتماعية ونفسية، التربية الدينية الإسلامية، التربية الدينية المسيحية)، على أن تضاف مواد تعويضية لها “
و قرار أخر جاء في أحد بنوده : تشطب جملة “الجمهورية العربية السورية” أينما وجدت وتستبدل بـ”الدولة الإسلامية”، تشطب تسمية “وزارة التربية” (متبعة من قبل الدولة) وتستبدل بـ”وزارة التربية والتعليم”، تطمس جميع الصور التي لا تتوافق مع “الشريعة الإسلامية” يحذف النشيد الوطني السوري أينما وجد .
و تابعت أصدر ديوان التعليم في “ولاية الرقة” إعلاناً عن دورة شرعية ” إلزامية ” مدتها أسبوع لكافة مدراء ومعلمي المدارس ذكوراً وإناثاً ، في مكانين منفصلين لكل فئة ، حددهما الإعلان ، وذكر الإعلان في نهايته ملحوظة تنص على منع كل مدرس أو مدرسة من التدريس في مدارس ” الولاية ” إلا بعد الخضوع للدورة تحت طائلة المساءلة الشرعية .
تضيف (ن . م ) أنا الآن خارج محافظة الرقة و السبب الرئيسي هو قرارات ” داعش ” الأخيرة كالدورات الشرعية و عدم قبول المدرسين في المدارس دون خضوعهم لهذه الدورة مع عدم مراعاة أو تقدير لشهادة المعلم أو خبراته .
ركز تنظيم داعش على فرض سياسته على التعليم فقام بحظر الدورات المنزلية و فرضه عقوبة السجن و الجلد و غرامات باهظة تصل لـ 50.000 ليرة سورية على من يخالف هذه القرارات و من القرارات الأخرى التي فرضها التنظيم هي منع المدرسين الذكور من تدريس الطلاب الإناث حتى في المرحلة الابتدائية .
يصف لنا المدرس (ج . ر) الواقع التدريسي في ظل سيطرة تنظيم داعش : تمت دعوتنا لاجتماع مع بعض المسؤولين في تنظيم داعش لا يحملون أي شهادة تخولهم النقاش بالموضوع التربوي و التعليمي حيث بدأ احدهم الحديث ببعض القرارات التي استصدروها مؤخرا تخص التعليم و كان لهجة التهديد و الوعيد طاغية على كلامه بأنه عند أي مخالفة للقرارات سينزلوا أشد العقوبات بالمخالف أي ً كان .
و في وقت سابق دعى التنظيم لإتباع دورة شرعية لإعداد المعلمين و استثنى منها أي معلم من ملاك مديرية التربية , كانت جميع قرارات التنظيم تهدف إلى طمس أي مفهوم وطني أو أي انتماء للوطن حيث كانت احد بنود قراراته : ” تستبدل كلمة الوطن أو الوطنية أو سوريا أو وطني أينما وجدت بـ”الدولة الإسلامية” أو “دولته الإسلامية” أو “بلاد المسلمين” أو “ولاية الشام”…إلخ.
وفي آخر بيان صادر عن “ديوان التعليم” أعلن افتتاح 12 مدرسة خاصة للذكور و12 أخرى للإناث بتاريخ 17/1/2015 ، مع تغيير أسماء جميع المدارس وتحويلها إلى أسماء جديدة كـ أحد وعبد الله بن مسعود، بالإضافة إلى أبو مصعب الزرقاوي. وأكد البيان أن القرار يأتي ضمن خطة تفعيل المدارس الصادرة عن ديوان التعليم حسب المراحل المقررة.
وكانت المدارس في الرقة أغلقت قبل أكثر من شهر , ريثما يعدّ التنظيم مناهج جديدة تتوافق مع رؤيته وعقيدته .
ابو أحمد الرقاوي